“الحياة”

صحيفة “الحياة” في أذهاننا مطبوعة من العيار الثقيل، دأبت على الطرح العميق، وركزت على السياسي والثقافي، وحافظت بصورة تحسد عليها على مستوى عال من الرصانة، وتستكتب أقلاماً تحمل رؤى متباينة، إلا أن المهنية والطرح الجاد كانا الرابط الجامع بين صفحاتها، وهو ما تعوده قراء “الحياة”، حتى إنني لا أستغرب أن يأتي أحد المهيمنين على الإدارة الأميركية المخطوفة ليتهمها في يوم من الأيام بأنها من أسلحة الدمار الشامل، لكونها “تحرض” على المعرفة والتحليل والتفكير.
اليوم تبدأ صحيفة “الحياة” خطوة ذكية تحمل إضافة مدروسة، حيث تقدم للقارئ في السعودية مساحة كبيرة خصصت للشأن المحلي السعودي، هذا الشأن الذي لم يعد هماً خاصاً يسيطر على أبناء السعودية وحدهم، بل أصبح شأناً عالمياً تتلقفه وسائل الإعلام العالمية كل حسب أهدافه واتجاهاته.
ومن حسن حظي أن أتلقى من “الحياة” دعوة كريمة للمشاركة في الكتابة اليومية وعلى هذه الصفحة، وهو تحد جميل فيه من المسؤولية بقدر ما فيه من واجب المشاركة ومحبة الكتابة.
وبحيادية تامة مبنية على تجربة مهنية طويلة، واطلاع على الأعداد الصفر لهذه الخطوة التطويرية، أستطيع القول إنها تجربة مثيرة وستكون بتوفيق الله تعالى سبباً دافعاً للتطوير في صحافتنا المحلية التي شابها الركود لوقت طويل، بل إنه وخلال استعدادات الإخوة الزملاء في “الحياة” لهذه الوثبة والتي دامت وقتاً طويلاً من العمل المضني والسهر المتأخر، خلال تلك الفترة، بدأت بعض صحفنا المحلية في “التمغط والتثاؤب” بعد نوم عميق، وكل هذا يصب في مصلحة القارئ.
والكاتب مثل لاعب الكرة يفقد عند الانقطاع عن الممارسة حساسيته مع القلم أو “الكي بورد”، ولأنني انقطعت عن الكتابة لأشهر طويلة أتمنى ألا أكون فقدت أمراً آخر أكثر أهمية وهو إحساسي بالقارئ، بحاجاته وما يتوقع من كاتب يضعه في موقع معين من اهتمامه، خاصة والعزم عقد على أن أكون معه يومياً، وفي هذا الموقع بتوفيق الله تعالى، ومن نافلة القول أن لا قيمة للكاتب من دون قراء وأنا واحد ممن يتعبون قراءهم ويتعبون منهم ولكنه تعب جميل.
وعندما يصل هذا العدد إلى أيديكم كأنني أرى احتفال الزملاء الساهرين بالمولود الجديد، اللهم اجعله من مواليد الصلاح والإصلاح وأجعله باراً بأهله نافعاً لمن يتلقاه فهو كما أراه، خطوة في إصلاح الصحافة التي تطالب بالإصلاح.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.