ثائر قديم وثوار جدد

«بصراحة أقول كنا نتصور أنه شخص مثالي، شديد التأدب في حديثه وشديد البساطة في عيشه ويكره البهرجة في اللباس، وهذا ما كنا نعتبره تواضعاً وبساطةً. كان القذافي أيضاً شديد التمسك بمواقيت الصلاة ويحض الآخرين على التزامها».
هل تصدق أن هذه هي صورة القذافي قبيل ثورة الفاتح 1969، والحديث لعبدالمنعم الهوني شريك القذافي في الثورة وعضو مجلس قيادتها إلى حين، و«الحياة» نشرت على حلقات حواراً معه تحدث فيه بإسهاب عن شخصية الثائر القديم وكيف تحول – هكذا – من تلك الصورة المثالية إلى صورة الحاكم الطاغية، ولو لم نكن نعيش هذه الأحداث الزلزالية في العالم العربي لكان صدى هذه الحلقات أكبر، لكن تطورت الأحداث في أكثر من بلد عربي، واللافت أن الهوني قال لـ «الحياة» إنه غير نادم! على رغم أنه ساعد وشارك في ثورة أوصلت شخصاً مريضاً بجنون العظمة مثل القذافي إلى التسلط على رقاب الليبيين لأكثر من 40 سنة. فالتصور هنا للهوني وزملائه ذلك الوقت دفعهم للانضمام للثورة على الملكية في ليبيا، التصور وحده… «كنا نتصور»!
أركز هنا على تلك الصورة المثالية التي صورت شخصاً صورة مغايرة عن حقيقته، لأننا في عالمنا العربي أمام ثوار جدد، انتشر حب الثورة مثل النار في الهشيم، وهو ما يدفع إلى التفتيش في ملفات قدامى الثائرين، وأتوقع – والله أعلم – أن هناك أكثر من قذافي وسط الجموع العربية المحتقنة الآن، وربما يضغط على روابط في شبكة الإنترنت الآن، صورته النهائية في طور التكوين لم تتشكل بعد، أتوقع أنه يبدو مثالياً وشديد التأدب والبساطة ولا يحب البهرجة في اللباس ويحافظ على الصلاة ويحث على الالتزام بها… خبير بمعسول الكلام يجيد نثره هنا وهناك… قادر على تغيير جلده بحسب متطلبات المرحلة. أتوقع أنه سيركب موجة «الفيسبوك» وفورة الشباب وحاجاته – حتى لو كان أبناؤه تجاوزوا سن الشباب -، وسيتحدث بصوت مرتفع مثلما فعل القذافي وغيره عن كل مطالب الشعوب، بل وسيرفع من سقفها وسيطلب – مثل القذافي هذه الأيام – من مريديه أن يتوجهوا ويفعلوا ويتحركوا.
قطار الثورات العربية تتكاثر عرباته، ولا يهتم الركاب كثيراً بمن يقوده، لأنهم يتطلعون لتغيير واقع يعانون منه، و«يتصوّرون» الوصول إلى واقع أفضل، بعضهم سيصبح مثل الهوني وبعضهم الآخر من المطاردين في أرجاء المعمورة، أو من ستتم تصفيتهم في… «الفترة الانتقالية» وهي أم الفترات! لكن يجب ألا ننسى أن هذا الواقع الذي أفرز هؤلاء هو مسؤولية الحكومات العربية التي طال استمتاعها بمتعة الرحلة دون التبصر بما حولها.
هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

رد واحد على ثائر قديم وثوار جدد

  1. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذنا الحبيب ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
    فيه مثل يقول ( يتمسكن حتى يتمكن ).. يصلي .. يصير ان شاء الله
    امام وبعد مايدلدل رجوله البعيد عنك يسوق الناس زي الغنم .. يابو
    احمد الناس تحتاج الى بني ادم يشعر بالامهم بااوجاعهم بمصائبهم
    طول ماهو مسؤل عنهم .. ماهو يشوفوه يوم ويغيب عنهم ستين سنة
    والله يصلح الحال يااستاذ وشكرا

التعليقات مغلقة.