ليبيا في الصندوق

يرى المؤرخ والصحفي الأميركي «ويبستر تاربلي» أن الثورات العربية مخطط لها، ويدعم رأيه بمسببات تندرج تحت عنوان عريض هو مؤشرات لاحظها الساسة الاميركان تشي بمحاولة دول عربية التخلص النسبي من الهيمنة الأميركية، برفع مستوى العلاقات مع الصين وروسيا وغيرها، أو رفض إملاءات سياسية أميركية.
أما عن ليبيا والقذافي فيقول: «ولكن ومنذ عام 2003 بدأ بالانحدار وارتكب – يقصد القذافي – خطأ فادحاً فقد سمح لصندوق النقد الدولي بالدخول الى ليبيا وبإملاء الشروط لخصخصة الشركات الليبية، وكان هذا خطأً فقد ارتفعت البطالة من صفر إلى عشرين في المئة بفضل صندوق النقد الدولي وهو ما حصل في مصر والمغرب والأردن ودول أخرى، لذا فقد بعضاً من مزايا». انتهى، ويوصف الصحفي ويبستر تاربلي بأنه ناقد لسياسة أميركا الخارجية والداخلية، وله رأي في أحداث 11 سبتمبر يخالف الرواية الرسمية الأميركية والوحيدة، قد نتفق معه أو نختلف معه لكن من المهم تتبع التاريخ الذي ذكره كبداية لانحدار ليبيا القذافي.
منذ رفع العقوبات على ليبيا المفروضة بسبب قضية لوكربي، قدمت تعويضات لأهالي الضحايا، وتخلص القذافي طوعاً عن أسلحة الدمار الشامل لتتم المكافأة برفع العقوبات عام 2003، ومنذ ذلك التاريخ بدأت ليبيا بسياسة اقتصادية جديدة، تحمل رؤية الصندوق الدولي، فخلال عام 2004 «وهو عام رفع العقوبات من أميركا»، تم خصخصة 100 شركة ليبية، وفتح الباب للاستثمارات الأجنبية مع مزايا تخفيض رأس المال المطلوب والسماح للاستثمار الأجنبي باقتراض 50 في المئة من البنوك المحلية! وأسس مجلس الاستثمار الليبي مشروع «النافذة الواحدة» لتيسير الإجراءات على المستثمرين الأجانب وتم مديح الاقتصاد الليبي ونجاحه في استقطاب الاستثمارات الأجنبية،
لكن حزمة السياسات تلك أدت لرفع الدعم عن السلع ما شكل ضغوطاً على الشعب مع تفشي البطالة لتصل إلى 30 في المئة ، كما تصاعدت الانتقادات تجاه فرض نسب محددة من الليبيين في التوظيف، كل هذا يحدث لبلد خرج للتو من عقوبات دولية استلزمت شد البطون. وفي العام الماضي ظهرت إشارات حكومية ليبية للحد من الاستثمارات الأجنبية وتنويعها، في النفط وغيره، وصرح رئيس الوزراء أن من حق الليبيين العمل والاستثمار دون منافسة من الأجنبي، وظهرت فضيحة «مصرف الصحاري» الذي يديره ويملك نسبة 19 في المئة منه بنك «بي ان بي باريبا» الفرنسي، ما دفع الحكومة الليبية لإطلاق تصريحات وصفت بالعنيفة تجاه البنك الفرنسي وأسلوب إدارته، والوصف للصحفي الجزائري ياسين تملالي، في مقال نشرته الأخباراللبنانية، قال إن حاكم المصرف المركزي الليبي كان بين مطرقة تشجيع الاستثمارات الأجنبية التي يشهرها في وجهه صندوق النقد الدولي وبين سندان مخاوف الليببين من سطوة الأجنبي.
لكن دخول الصندوق يختلف عن الخروج منه.
هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

3 تعليقات على ليبيا في الصندوق

  1. عبدالكريم التويجري كتب:

    السلام عليكم
    استاذي ابو احمد
    لان الساسه الغربيين تطرح لهم عدة احتمالات ويحدد لهم مايفيد دولهم وليس لهم الا التنفيذ
    وعند ثورة تونس تفاجاء الغرب لم يكن يتوقع ولم يصدق ولم يخطط كيف يتصرف
    ولان شين الهاربين ترك للغرب المليارات المسروقه من الشعب التونسي مما ساعد الاقتصادات الغربيه على التنفس رغم ضألة الاقتصاد التونسي وماسرقه رئيسهم .
    لذا ساهم الغرب يتجربة الحاله مع مصرالمستعده للتنفيذ بحكم الاحتقان الشعبي فاستفاد اكثر فساعد على اليمن وليبيا والحبل على الجرار.
    وسيستمر بتجاربه مادام الاقتصاد الغربي بحاجه ملحه للمال المسروق فهو مال مجهول بحسابات سريه يصعب على الشعوب استرداده.
    كل هذا رغم ان مايحصل ضار باسرائيل وحلفاء الغرب من الحكام العرب.
    وبغض النظر عن النتائج ومن يحكم مادام الامر مربح ومنقذ للبقاء حتى ولو وصلت القاعده للحكم بكل العالم الاسلامي فهم الان يفكرون بالمكاسب الانيه ولم ينظرون الى المدى البعيد
    فاليوم الغرب يقول نفسي نفسي الهروب الى الامام .
    تحياتي لك

  2. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذي الحبيب ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
    الله لايبارك في اللي فن الخصخصة واللي اخترعها وهي اللي جابت لنا
    ولغيرنا المصائب ..
    اليوم يابو احمد اقراء في احد الصحف المصرية انه من ضمن التهم التي
    سيحاكم بها الرئيس السابق مبارك خصخصة بعضة القطاعات في الدولة
    ومن ضمنها قطاع الاتصالات وهذه التهمة لوحدها يمكن يروح فيها الرجال
    واحنا قوام اول مايجي احد ويقولنا لازم تسوا وتفعلوا هواء مانتأخر
    الله يستر من الدولي هذا البنك لاخيره ولاكفاية شره .. طبعا وراءه
    مين .. الله يجيب الخير وشكرا

  3. ابو عبداللملك كتب:

    الله يعطيك العافية على هذا المقال، ولعل الأقوام الأخرى تفهم رسالتكم الواضحة .. دمتم قلما وطنيا متحرر من قيود التبعية للآخر.

التعليقات مغلقة.