التحالف مع الشيطان

35 في المئة من النفط الليبي لفرنسا، هذا أهم خبر عن ليبيا الأسبوع الماضي، والخبر نشرته الصحافة الفرنسية إذ تحدثت عن رسالة فيها اتفاق بين المجلس الانتقالي الليبي وفرنسا تدعم فيه الأخيرة الأول مقابل هذا الثمن. ولم يعلق المجلس الانتقالي الليبي حتى الآن على الخبر كما لم تعرف تفاصيله، إنما هذا ليس مستغرباً، فدافع الغرب وهاجسه الأول هو النفط والاقتصاد، وفي السياسة ليس هناك سوى المصالح المادية المباشرة أو غير المباشرة، وحتى نكون أكثر واقعية ليس هناك في ليبيا سوى النفط ثمناً مغرياً لطلب النجدة يمكن تقديمه، على رغم انه أمر مقيت بخاصة مع الآلة الإعلامية الغربية التي تتحدث عن حقوق الإنسان والحرية والديموقراطية. لا ننسى أن القذافي استخدم النفط الليبي لتوطيد أركان دكتاتوريته مبذراً إياه هنا وهناك وكانت إيطاليا وفرنسا أكثر المستفيدين، وهما ما زالتا في المقدمة وإن فازت فرنسا بنصيب الأسد، وهو ما دفع ويدفع ساركوزي للإصرار والاستمرار، والشاهد هنا أن الحرية نسبية مثلها مثل الاستقلال في العالم العربي.
الفارق المنتظر من المجلس الانتقالي في ليبيا هو عمله في الداخل تجاه المواطنين، فهو استخدم الأدوات نفسها التي كان يستخدمها القذافي وللأطراف نفسها أيضاً، المحك هل يشعر المواطن الليبي بفارق مستحق، مع خمسين ألف قتيل ومصابين ولاجئين وتدمير بنية أساسية ورعب، ما زال قائماً. ثم هل ستسمح فرنسا بقدر من الاستقلالية للقرار الليبي «الوطني» مستقبلاً مع تأثير ذلك المتوقع على مصالحها المتنامية في طرابلس أم أنها بدأت مبكراً في غزل فريقها في الداخل وتجهيزه للمستقبل، فتكون ليبيا استبدلت شخصاً بأشخاص، وإذا أردنا الموضوعية لم يكن لهذا أن يحدث، بهذه الصورة، لولا وجود طاغية مغرور مثل القذافي.
في جانب آخر من الصورة نفسها تشير مصادر مصرفية إلى شروط غير معلنة في قرار الإفراج عن أرصدة ليبية مجمدة (15 بليون دولار)، من هذه الشروط أن النقد الذي سيسلم للمجلس الانتقالي لن يتعدى رواتب المقاتلين والعاملين مع الثوار تقدرها المصادر بنسبة 10 في المئة، أما باقي المبلغ الضخم فسيتم تقديمه على شكل آليات ومعدات وتموين غذاء ودواء إضافة إلى تكاليف إعادة الإعمار التي تقوم بها دول الناتو بزعامة فرنسا ما يعني أن الاقتصاد الفرنسي حصل على مبتغاه. وكأن ليبيا استبدلت طاغية في طرابلس بآخر من باريس إنما على الطريقة الفرنسية. كان في ليبيا شيطان فتحالف ثوارها لإخراجه مع شيطان آخر.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

3 تعليقات على التحالف مع الشيطان

  1. لا حول ولا قوة إلا بالله حقائق مفزعة لواقع عربي أليم

  2. أحب مقالاتك، ولكن أختلف كثيرا معك، فلستَ جاهلا بالسياسة حتى نقبل منك هذا القول. كما أن إستخدام جزء من قصة لكتابة قصة خرى أمر محزن أحيانا، ألسنا نتحالف مع الشياطين طوال الوقت عندما نغير ماركة الحليب مثلا عندما يرفع علينا الشيطان القديم سعره، أو نغير وظائفنا لأن شيطانا سيدفع لنا أكثر من آخر، بل نغير أرقام هواتفنا حتى لايكون لنا علاقة بشيطان ولكن بآخر، فكيف إذا تعلق الأمر بشيطان حقيقي.

  3. أبوأحمد كتب:

    شخصياً أظن أن الضغوط على ليبيا ستخف حدتها إذا استخدم المجلس الإنتقالي ضغوطاً هو الآخر ولديه أوراق رابحة كتحريك الجماهير في الشارع مهددين بثورة جديدة ولو بعد حين وكذلك تواجد القاعدة وأن المجلس الانتقالي سيحاربها بكل ما أوتي من قوة وأوراق كثيرة ……
    لكن يبقى الأهم أن الضغوط لا بد منها بل مع تلك الدول التي لديها سيادة كاملة على أراضيها ولم تتحالف مع أي شيطان ولكن كم نسبة الخسائر مقارنة بالأرباح….
    الحرية في ليبيا وتونس وخصوصاً الحرية الدينية كانت معتقلة ولو جلست مع تونسياً أو ليبياً حضر إلى بلادنا الحبيبة السعودية لتمنى أن يبقى هنا فقط ليؤدي الصلوات الخمس دون خوف وخصوصاً صلاة الفجر…

التعليقات مغلقة.