ألاحظ مثل غيري بوادر انقراض الشارب أو “الشنب” من وجوه الرجال والشبان، الجيل الجديد “يحته.. حتاً” فتتم حلاقته حتى لا يتبقى منه سوى ظل خفيف، وخرج علينا الحلاقون بدرجات “للحت” والتخفيف تبدأ من الصفر فما فوق.
وللشارب منافع وأغراض كبيرة لست أعلم كيف سيتعامل معها “محتوتو” الشوارب، فهو من مظاهر الرجولة، وأستدرك أن عدم وجوده لا يعني بتاتاً نقصانها، لكنه من العلامات “التقليدية” الدالة على ذلك، فقد كان “خط الشارب” أسفل أنف الذكر “طبعاً”، إيذاناً ببداية مرحلة عمرية جديدة، وهي مرحلة يتطلع إليها بل ويجتهد الفتى في الوصول إليها بالرسم والتلوين أو الحلاقة المبكرة، و يا ما اختطف الفتيان “قدوراً” علاها السواد ليخطوا شوارب لهم، وفي زمن سابق كان خط الشارب وثيقة لا تقبل الشك للحصول على أوراق رسمية تؤكد أن صاحبه تجاوز ذلك الخط… كأنه أمام المرمى يعبر “خط الستة”، ولذلك فإن احتمالات التسلل قائمة.
وقبل أفول نجمها تحملت الشوارب الكثير فقد كانت ولا تزال سنداً للوفاء بالوعود وتأكيد الالتزام فيقول لك رفيقك “على ها لشوارب” ويقنعك هذا القول بصدقيته، لكن ماذا ستتحمل الشوارب الجديدة الخفيفة من الوعود مع شعيراتها القصيرة، لأن طول ذلك الشعر هو مربط الالتزام، والدليل أنهم كانوا يصفون الرجل بشاربه الذي يحط عليه الصقر، ومع الوضع الراهن لا يمكن لبعوضة أن تقع على شعرة من شعيراته، ماذا يمكن أن تتحمل تلك الشوارب وهي اقرب للتظليل اقصد درجة الصفر في تظليل السيارات.
أعتقد أن الرجال سيصعدون قليلاً ويكتفون بالأنف فيقولون “على ها لخشم” مثل ما قال أجدادهم لأنهم لن يجدوا شعرة يمسكون بها عند إطلاق الوعد أما أنوفهم ففيها الخير والبركة!
المثل الشعبي يقول: “كل شارب وله مقص”، والمعنى يقع بين شعيرات الشوارب وشفرات المقص، لكن بعد هذا التطور في مسيرة الشوارب هل سيبقى للمقص حاجة؟ وأصل هذا المقال كان عن “القص” لكنه اتجه إلى لشوارب بسبب العلاقة… “سالفة الذكر”!
وجاءت فكرة المقال هدية من صديق لي حينما سألني قائلاً هل “قصيت” هوية وطنية؟ وهي البطاقة الجديدة البديلة، بحسب علمي لبطاقة الأحوال، وذكرني الصديق العزيز بشيوخنا مع “قص التابعية” أو “حفيظة النفوس” طيبة الذكر، وكما ترون فإن مساحة الزاوية لا تكفي لرواية قصة “القص” عليكم فإلى الملتقى بعون الله وتوفيقه.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط