ناقل ومنقول

هل تراجع نهم التطفل عند الناس مع سرعة تناقل الأخبار ووسائل الاتصال؟
 توقعت ذلك مع بداية انتشار الهاتف الجوال ثم ظهوره بالكاميرا وبث مقاطع وصور، بمعنى الواحد منهم «يتفضل ويقلط على الأخبار وهو جالس مع ربعه»، لكن الواقع أثبت أن سلالة الفضولي تزداد، ويمكن الاستدلال على ذلك في استمرار ظاهرة التجمهر عند أي حادث أو حدث. بل وتسلح الفضولي بكاميرا هاتف و«فلاش ميمُري» يختزن أكثر من ذاكرة الفرد.
والسبب في تقديري أنه التشوق «للعلوم»…- «من عندك علوم ووش علومك» – وليس من العلم بمعناه الأصيل. سبب هذا التشوق مع بحث وتقصٍ هو لهفة على النقل، نقل المعلومة إلى آخرين هو ما يدفع الفضولي والمتطفل إلى البحث أو «نطل» السيارة كيفما اتفق للوقوف على حادث مرور أو حريق. وإذا دققت في دوافع النقل ستجد «الأنا» جالسة متربعة، والغرض التصدر مثل وكالة أنباء متحركة، يجب على الكل الإصغاء لها باهتمام، وأكثر الأخبار المنقولة في وسائل التواصل الاجتماعي هي أخبار مكرورة، ما يصلك على «واتس اب» وصلك على «الإيميل» أو غيره وربما مشافهة، لكن كثير من الناس يستمرون في النقل، بل ويسألونك عنه وهم لم يطلعوا عليه!، النقل لمجرد النقل، كأن الفرد تحول إلى مشغل متطوع لتلك الأدوات لتبقى حية تنبض.
ولو حصرت الجهد «التطوعي» المبذول في ذلك كل يوم لدهشت من حجم «الطاقة» المهدرة، كأنهم استعاضوا عن كثرة الكلام بكثرة النقل، ولدى الكثير منا، كما هو معلوم، حب للثرثرة والاستفاضة في إعادة كلام مقال ومعروف لا مانع عند بعضهم من إعادة كلامك إليك، فالاختصار يجبر على التفكير لانتقاء المفيد والمباشر وهذا ما يحتاج إلى جهد مكروه، ويبدو لي أن للتعليم دوراً في ذلك، في الصفوف الأولى يحقق الطالب الدرجة العليا كلما أكثر كتابة صفحات في مادة التعبير، أو استفاض في الإجابة، التقويم بحجم الكم والكم فقط، من هنا يكثر كم النقل والمنقول ومعه التطفل، خزين للثرثرة.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

رد واحد على ناقل ومنقول

  1. استاذ عبدالعزيز سلمه الله.
    اسعد الله اوقاتك بالخير والمسرات.
    ممكن المدنية وعدم ترابط الناس في المجالس مثل السابق
    حد من السوالف وناقليها، والان لك فقط ان ترا مشكلة على
    المسار الاخر من الطريق الجميع الا ما ندر يحاول معرفة
    ماذا يحصل في المسار الاخر.
    نعم وسائل الاتصال الحديثة تجمع الغث والسمين وينقله الناس للاخرين بين بعضهم
    بدون التدقيق او التثبت من صحه الخبر.

التعليقات مغلقة.