إنها «العزلة» يا صديقي!

يمكن عزلك وأنت وسط مجموعة من الناس! إنهم مادة العزل التي تحيط بك إحاطة السوار بالمعصم، والإصابة بالعزلة ليست صعبة، فأي فرد يُمكِّن عزله متى ما وضع الثقة بين يدي حلقة ضيقة لا غير، لتصبح هذه الحلقة هي حواسه الخمس، أما إذا كان هذا الفرد ضعيفاً في الأساس ودُفع إلى الواجهة فهو أقرب للوقوع في بئر العزلة.
العزلة لا تعني عدم العلم بمجريات الواقع من حولك، بل أيضاً بتفسير هذه المجريات في الشكل الذي يناسبك للبقاء حيث أنت هناك في عزلتك.
في النماذج الظاهرة على السطح من رؤساء، لدينا نموذجان مختلفان من العزلة، بن علي والقذافي ومبارك عانوا عزلة بالأقدمية. الدعة وشعور بالتمكن رسّخ العزلة حتى لا يعود المرء يرى إلا ما يريد أن يرى، هنا تسهم «الحلقة الضيقة» على مدى طويل في «الفلترة» حتى لا يصل إلا ما تريده، ولا يتعارض مع مصالحها.
النموذج الجديد مثله الرئيس محمد مرسي، كان الرئيس الأول لمصر بعد ثورة 25 معزولاً من حزبه، والحزب معزول بأسوار الجماعة، وأعتقد أن الرئيس مرسي ظلم بدفعه إلى الواجهة، فهو لم يكن جاهزاً ولا مناسباً أيضاً، وبرز ذلك أكثر من خلال الارتباك في القرارات والتراجع عنها، ثم في أخطاء كارثية في استجلاب الخصوم بدلاً من جمع الصفوف، وكأن هذا لم يكن كافياً. قام كثير من المحسوبين على الجماعة أو الحزب والتيارات المتعاطفة معه بالإساءة في الإعلام «إلى الصورة العامة للتجربة»، النشوة بالوصول إلى السلطة أعمت البصر والبصيرة لتبدأ تباشير «تصنيم» الفرد.
سوء الاختيار يولّد سوء اختيار آخر، وفي الملف الاقتصادي – وهو الأخطر في مصر – ظهر عجز فاضح، وفي هذا يقول الخبير الاقتصادي المصري صلاح جودة: «الاقتصاد المصري بحاجة إلى جراحين، وهم أحضروا تمرجية».
كان أمام تنظيم الإخوان المسلمين في مصر خيارات للتعامل مع الانقلاب أو التدخل العسكري، بخاصة والأخير مدعوم برغبة شعبية مهما اختلف على حجمها، لكنه اختار المواجهة، وهو هنا يقامر حتى بشعار «الإسلام هو الحل». التجربة لا تشير إلى أن هذا الحل سينجح إذا أتى من فكر الجماعة، المقامرة تجاوزت هذا إلى تنظيم الجماعة نفسه، السبب أن المسألة سياسية فشارك في تحويلها إلى دموية، وإذا سلمنا تمام التسليم بالقول إن تنظيم الجماعة في مصر ظلم واغتصبت منه الشرعية، فهو بالمواجهة قدّم الذرائع لخصومه، وجهز الميدان للمقامرة بالدولة المصرية نفسها، وكان في السياسة مجال فسيح للعودة بشكل أفضل. كانت فرصة للإخوان في مصر أن ينسحبوا من الواجهة لأنهم غير مستعدين، لكنها نشوة السلطة وطعمها.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

3 تعليقات على إنها «العزلة» يا صديقي!

  1. – مشكله مرسي انه صاير ريموت بيد المرشد .
    – من كان يعتقد بأن الاخوان سيتخلون عن السلطه بعد إنتهاء الاربع سنوات فهو معزول عن الواقع .

  2. الاستاذ عبدالعزيز سلمه الله
    في البداية نبارك لكم والاسرة الكريمة حلول شهر رمضان المبارك وندعوا الله الكريم لنا ولكم وللوطن الغالي بالهدوء والاستقرار .
    وتعليق على العزلة التعامل بصفة ابناء العم افضل على الاقل يكون فية عودة للغة العقل اكثر من طيش الاخوان وعنادهم .

  3. لو لم يكن في مقالك الا
    ((( النشوة بالوصول إلى السلطة أعمت البصر والبصيرة لتبدأ تباشير «تصنيم» الفرد. ))))

    لكانت كافية ليخطف النجوم الخمس
    مع أن هذا سيغضب منك السطحيون وجماعة :عنز ولو طارت !
    وفي هذا الموضوع الذي كتبته بعد نحو من شهر من تولي مرسي .. بعض حقيقة تصنيم الفرد
    ان رأيت مناسبتها فدونك الرابط ، وإن لم تر فأحذفه مشكورا/ والشهر مبارك

    لا تغلوا في مرسي فيقذفه الكرسي
    http://awraq-79.blogspot.com/2012/07/blog-post_10.html

    وموضوع : آخر
    أمور أضرت بحكم مرسي لمصر !
    http://awraq-79.blogspot.com/2013/07/blog-post_6335.html

    هذان الموضوعان أغضبا البعض على أخيك !!
    لأن الحقيقة مؤلمة احيانا

    تحية لك ودمت موفقا

التعليقات مغلقة.