يجب أن تلتفت وزارة العمل إلى الوعود التي تقدم من بعض الشركات للشبان جذباً لهم للالتحاق بالوظائف، تستفيد الشركات من أسماء وتزين تقاريرها بنسب السعودة وهم لا يحصلون سوى على الفتات و”بنفس شينة”.
أخطر الوعود تلك التي تأتي شفهياً، لأنه لا يمكن إثباتها، وأجد أن كثيراً من أعمالنا المكتبية تتم شفهياً، يوجه المدير أو الرئيس موظفيه شفهياً والويل لهم إذا لم يثبتوا ذلك على الورق بأسمائهم. رسمياً المدير أو الرئيس غير مسؤول عمّا خطته أيدي موظفيه، وهو هنا يشبه حيوان الجربوع الظريف، إذ يحفر له في جحره أكثر من مخرج للطوارئ استعداداً لأية أزمة محتملة، أما إذا كانت نتائج التوجيهات ايجابية فمن سيتجرأ منهم فيصيح بأعلى صوته أنه هو من تحمل مسؤولية ذلك الإجراء، إذا لم يطرد مثل هذا الموظف “البجح” فسيتم تهميشه، وكلما كان الموظف مطيعاً ومتحملاً لتدوين الشفهي إلى رسمي مكتوب تزداد قيمته لدى رئيسه غير الظريف، يعتبره الأخير مثل “منشفة” يتناولها وقت الحاجة ويرميها إذا ما أحدق به خطر كبير. إنه دمية ضخمة تستخدم للتنفيس والتلاعب وأحياناً للتجمل أمام الآخرين.
والوعود بالترقيات والعلاوات، خصوصاً للموظفين الجدد حافز لهم، لكنها إذا لم تصدق تتحول إلى عامل إحباط وتدمير نفسي ينعكس على إنتاجية العمل والولاء للمنشأة، وكثير من الشبان الذين ينضمون إلى سوق العمل لم يعودوا يطمعون بالعلاوات أو الترقيات همهم الأول الترسيم، هم يبحثون عن الوظيفة الرسمية، حكومية أكانت أم في القطاع الخاص، الترسيم يعني الاستقرار النفسي والمالي، يعرف الشاب ما له وما عليه، فإذا قبل العمل ومعه وعد بالترسيم بعد أن يثبت جدارته وقدراته فإن هذا الوعد يستغل استغلالاً بشعاً من جانب بعض الشركات والمؤسسات، وتمضي السنوات والوعد يؤجل إلى المستقبل، ويصبح الغد لناظره بعيداً، الغد عندما يأتي يصبح اليوم!، لذلك فإن غداً لا يأتي؟!
ولدي رسالة من شبان يعملون في شركات متعاقدة مع أحد البنوك – خدمات العملاء في الهاتف المصرفي، حصلوا على وعد بالترسيم على وظائف في البنك وما زالوا ينتظرون الوفاء بالوعد منذ سنوات، وبدلاً من ذلك يجبرون على توقيع مخالصة عن حقوقهم في الفترة الماضية ويتعاقد معهم من جديد “مكانك سر”، والمطلوب من وزارة العمل ومؤسسة النقد ألا تتركهم في مهب الريح. لا يجوز أن يستغل الشبان بشكل موقت وتقدم لهم الأحلام نظير الاستفادة منهم بأقل كلفة، خصوصاً أنهم أثبتوا جدارتهم خلال سنوات طويلة فلماذا لا يرسّمون ويحصلون على حقوقهم، والبنك، ما شاء الله لا قوة إلا بالله، “عيني عليه باردة” يحقق أرباحاً مضاعفة كل سنة؟ سبحان الغني الكريم.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط