3 أعوام من حرائق «الربيع العربي»

بداية، يجدر التأسيس لوجهة النظر، تتحدد في أن ما أطلق عليه «الربيع العربي» ليس إلا نتيجة، وإن أراد البعض تحويله إلى سبب.
تخيل أن هناك شركة أو مؤسسة تخصصت في توظيف الأموال، وظفت مندوبين مقنعين، معلنة أهدافاً استثمارية مغرية، الفرق أن هذه الأهداف لم تكن مالاً سائلاً يتم إيداعه ليحسب أرقاماً في الحسابات المصرفية، بل هي أهداف معنوية ستجر معها السعادة والهناء. كانت الأهداف المعلنة بالغة الإغراء جرى التمهيد لها: الحرية، الديموقراطية والعدالة الاجتماعية، ولا ننسى الكرامة، وسيأتي معها التطور وتحسن مستوى المعيشة وارتفاع قيمة الإنسان.
وكأية شركة أو مؤسسة استهدفت إدارة المبيعات والتسويق شريحة محددة، لكنها شريحة عريضة في العالم العربي لديها مدخرات ضخمة من الآمال والأحلام والتطلعات، ومعها مخزون يفور كالبركان من النقمة. استخدمت الدعاية والإعلان باقتدار، ولمستهدفين جدد متعطشين لهذا اللون من المغريات، كيف لا وهناك نماذج ناجحة في بلدان أخرى؟ وكما تفعل إدارات شركات توظيف الأموال تفعل شركات أو مؤسسات توظيف الأحلام والتطلعات، المطالبة بالصبر والانتظار وكل خسارة محققة على الأرض يجري التشكيك في مصادرها أو نسبتها إلى منافسين في سوق السياسة، وتشحذ الطاقات لتعويضها بالدعاية.
إن أكبر رأسمال لشركات توظيف الأموال وأخواتها من ماكينات توظيف الأحلام هو الدعاية والإقناع بأن الأرباح مبشرة والانتظار أفضل من سحب رأس المال.
ما جرى خلال الأعوام الثلاثة الماضية تحت مسمى «الربيع العربي» هو توظيف أكبر قدر ممكن من أحلام رأسمال العالم العربي البشري… المهمل، ثلاثة أعوام من الحرائق العربية – العربية، ولا أحد من الأطراف الفاعلة – إن جاز التعبير – يريد الاعتراف بالخسارة، ولم يعترف ولا زال هناك رصيد رأسمال بشري تحت اليد.
لكن، ولا بد من «لكن» ضخمة كبيرة بحجم حرائق عربية – عربية ستطول والله أعلم. ولو سئلت عن المتسبب في كل هذا لقلت إن ما أمامنا ليس سوى النتائج، أما الأسباب فهي عهود من الجمود والاستبداد والاستئثار، يسأل عنها حسني مبارك في مصر، معمر القذافي في ليبيا، علي عبدالله صالح في اليمن، بشار الأسد في سورية. هؤلاء كان تحت تصرفهم وبين أيديهم الكثير من الحلول والزمن الطويل، لكنهم انصرفوا عن شعوبهم، استثمروا في الإرجاء وشراء الوقت، كانت السياسة تتخلص في الإدارة بالوعود، فخسر الجميع.

 

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

رد واحد على 3 أعوام من حرائق «الربيع العربي»

  1. الربيع العربي هو تحصيل حاصل لحركة التاريخ .. اعتقد بانه لابد ان يحدث وقد حدث مثله مثل ما مرت به الشعوب الاخري فمنها ما استمر الصراع لعشرات السنين .. الا النتيجة واحدة وهي الانعتاق والتحرر من العبودية واستغلال الفرص المتاحة والتمسك بالسلطة بالنواجذ والمخالب .. وطرد هؤلاء المتمسكين بزمام السلطة لا يكون الا هكذا بالقوة والبهذلة .. وان بناء الانسان من جديد لا ياتي في يوم وليلة لا بد من فترة زمنية تغذي فيه روح الانسانية التي يفتقدها .. اقول ان النتائج سوف تكون من صالح الانسان .. لان عجلة التاريخ لا ترحم وهذه حال الدنيا لا تطوى الايام والسنين كما يشتهيها المرء .. ولا تسير الرياح كما تشتهي السفن .. اليس كذلك …!!

التعليقات مغلقة.