استدعاء الذمم

عندما أطالع كثرة إعلانات وزارة التجارة والصناعة للجمهور عن استدعاء سيارات من موديلات مختلفة بسبب عيوب مصنعية بعضها في مفاصل وسائل سلامة المركبة، أسترجع ما مضى، وأفكر في أرواح أزهقت، وبشر أصيبوا بالإعاقة، وأموال أهدرت بسبب حوادث متوقعة ناتجة من عيوب مصنعية تم الصمت عن التحذير منها، كنا في الصحافة إذا بثت وكالات الأنباء العالمية خبراً عن استدعاء سيارات من هذا النوع أو ذاك في بلاد الغرب أو الشرق، ننشر الخبر مع تكليف زميل بالاتصال على وكيل هذا النوع من السيارات، وإذا تمكن الصحافي من الحصول على جواب، وهي حالات قليلة، فإنه في الغالب الأعم ينص على عدم شمول السوق السعودية لهذا الاستدعاء! ولم يكن هذا مقنعاً، لكن مع برود وعدم اهتمام وزراء تجارة مروا على هذا المنصب أصبحنا نحاول إقناع أنفسنا بأن هناك خطوط إنتاج سيارات خاصة لبلادنا تطبيقاً لنهج الخصوصية.

ومع الانفراج الذي تعيشه وزارة التجارة في عهدها الحالي، اكتشفنا أن الخصوصية هي في حقيقة الأمر خصوصية قطاع خاص، كنا على اعتقاد بذلك لكن من دون أدلة رسمية دامغة. أدلة تقول إن سوقنا من عرض الأسواق الأخرى يصيبها ما يصيبها.

استدعاء سيارات بها عيوب مصنعية هو في جانب منه استدعاء للذمم، وكشف بل تسليط ضوء ساطع ساخن على ذمة سعادة الوكيل، الذي تمنع أو تعامى وربما حاول – إن تمكن – طمس خبر عن عيوب ستتحمل إصلاحها الشركة الصانعة، وفيها خطر على أرواح الناس. إنه من المؤلم أن نتأمل هذه الصورة القانية، صورة ذمم هل ينفع ويجدي لتنظيفها أعمال خيرية أو إعلانات مزدانة بروح وطنية.. تجارية.

شكراً لوزارة التجارة، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

رد واحد على استدعاء الذمم

  1. عبد الله م ح المجددي كتب:

    مصيبتنا أن هناك مسئولين يستخفون بالمواطن ويتوقع منه عدم الفهم .

التعليقات مغلقة.