حماية النسيج الاجتماعي

طوفانُ استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الجديد – مع توافر القدرة حتى للأفراد على إنتاج مقاطع وصور بيسر وسهولة ونشرها – أصبح ظاهرة جارفة. خليط من الإشاعات والأخبار والنصائح والتنكيت والتهريج يجمعها فضول النقل والإرسال، يرتكز على بحث المنتج لها والناقل عن إشارات إعجاب وشهرة، وسط كل هذا الخليط العجيب الذي لا يشبه سوى خلط الأوراق السياسية بالدماء المستمر في المنطقة. يتساهل بعضهم في تصوير مقاطع ونشرها تهكماً أو سخرية، وأصبح من المألوف مع كل حادثة أو جريمة تقع، حتى الإرهابية منها، أن يستخدمها أحدهم كسُلَّم يصعد عليه من دون أدنى شعور بالمسؤولية تجاه آثار عمله السلبية في المجتمع. والشروخ تبدأ بسيطة ثم تتسع وتتشعب ليصعب إصلاحها.

وعلى رغم أن الظاهرة – في ما يعنينا من قضايانا المحلية – منشأُها أفراد إلا أنها مرشحة للإتساع مع سطوة وسائل التواصل ودخول عناصر مغرضة، لاستغلال ذلك، وسْط صراعات وحروب وأطماع إرهابية. من هنا لا بد من عمل منظم، لمواجهة كل ما يحتمل تأثيره في قوة النسيج الاجتماعي ومتانته للوطن وللمجتمع. إننا بحاجة إلى فرز أخطر هذه الثقوب وتصنيفها، ثم العمل من خلال منهجية واضحة لسدها، كما أن حاجة التصدي إلى هذه الظاهرة لم تعد في دائرة الوقاية، بل أصبحت ضرورة للعلاج، والمشكلة أن «الشأن الاجتماعي» بتفاصيله غير واضح معالم المسؤولية في الجهاز الحكومي، وهو ليس وحده في هذا التشتت، لذلك تجد أن الرسائل التي تحاول مواجهة الظواهر الاجتماعية السلبية هي محاولات فردية، دافعها الغيرة والحرص على المجتمع، لكن أثرها لأسباب مختلفة يبقى أضعف من أثر نشر السلبيات بجاذبيتها للمتلقي، وحتى لو كان ذلك بذريعة التهكم عليها.

ومع أننا تأخرنا كثيراً في العمل على مبدأ الوقاية بالأسلوب المناسب والأدوات الأكثر اقتداراً وتأثيراً إلا أنه لا يزال بالإمكان تلافي القصور والنقص. إنّ توافر الرؤية الدقيقة لتفاصيل الظواهر السلبية هي الطريق لوضع العلاج لها.

لم تعد الظواهر السلبية مهما كان نوعها محصورة داخل مجتمعها فقط، بل أصبحت بسبب ما يُنشر عنها ويتردد حولها تعبُر الآفاق، لتتحول إلى إحدى أدوات الاستهداف الإعلامي السياسي. صحيح أن النشر عنها مهم وأيضاً أسلوب النشر أهم.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.