وجدته في حيرة، «ضايق الصدر» بحاجة ماسة إلى الفضفضة، تخيلت أن مصيبةً حلت به، لا قدر الله، فالدنيا لا تدوم على حال، وعند سؤاله عن سبب الضيق قال إن صديقه أو زميله السابق اللطيف بعد ترقيته السريعة إلى رتبة معتبرة «عليا» تغير وأصبح لا يتحمل أي نقاش حتى في وسائل التواصل؛ ليصل الأمر إلى تبليكه في «واتسآب»! التبليك -كما يعرفه الكثير- من أشكال المقاطعة، يحتمل أن يصل إلى القطيعة المستدامة على وزن التنمية المستدامة، وصاحبنا في حيرة كيف أن ذلك الشخص الذي تصوره وديعاً صبوراً وبينهما «خبز وفول» يحبه لشخصه لا لعلاقة مصلحة أو عمل كما ظن سابقاً، كيف تغير إلى هذا الحد؟، أما السبب فيرده صاحبنا، بعد تأمل وتفكير، إلى أن أولويات «القاطع» أعيد ترتيبها، وما كان يقوله وينافح عنه لم يعد يستطيع الإجابة عن سؤال يتكرر.. لماذا لم تفعله؟
ولأن صاحبنا الحيران لا يفقد حس الظرافة أرسل إلى صديقه السابق متجاوزاً صعوبة الوصول إليه بعد «التبليك»، رسالة فارغة إلا من رابط لأغنية أم كلثوم «يامسهرني»، ووضع عنواناً لها «يامبلكني». ضحكت من تصرفه لأزيد «اللي نسيك انساه». والواقع أن هناك من البشر إذا وصلوا إلى منصب تغيروا أو هكذا يرى من يعتقد بأنه عرفهم، لكنه في الحقيقة لم يعرفهم، بل غرته الواجهة «الرخا..مية»، وهناك فرق بين المقاطعة والانشغال. الأخير أمر طبيعي إذا ازدادت المهام والمسؤوليات، سواء أأدَّاها من كلف بها أم توهم من حوله ذلك!
وهناك من هو أكثر إضحاكاً من الحالة السابقة، ففي طريق الصعود يعتقد بعضهم بأن أي علاقة له مع هذا أو ذاك، ولو كانت سابقة من أيام «المرحلة الابتدائية!»، قد تحبط خططه وطموحاته؛ لأن من يطمح لأن يأخذ بيده لديه رأي في تلك المعرفة القديمة. تجتهد هذه الفئة اللطيفة في محاولة التملص؛ لأن عرض البضاعة يستلزم ذلك بحسب المواصفات القياسية المعتمدة.
كان سلم الصعود الوظيفي خشبياً، ثم أصبح كهربائياً، وتمت زيادة سرعته. لذلك ما أسهلَ سرعةَ نزول يشبه السقوط بعد الصعود السريع.