«فادوف ومادوف»

لم تفصح لنا صحيفة «مال» الاقتصادية عن سبب الاستفسار الأمني الذي ذكرت أنها علمته في قضية الرئيس التنفيذي السابق لمجموعة سامبا المالية فادي بن خالد طبارة، لحرث الذاكرة قضت لجنة الاستئناف في الفصل في قضايا الأوراق المالية بالحكم على فادي طبارة بغرامة تصل إلى 1,4 مليون ريال فقط، وإلزام مستثمرة كان يدير محفظتها بإعادة أكثر من 60 مليون ريال، ومنعه من تداول الأسهم، وإدارة المحافظ، والاستشارة الاستثمارية مدة خمس سنوات. وسبب ذلك «مخالفات» متعددة لأنظمة السوق المالية خلال الفترة ما بين7/11/ 2004 -1/7/2006. وهي الفترة الذهبية لسوق الأسهم قبل انهياره الكارثي المعروف.

سبب سؤالي عن الاستفسار الأمني، أنه أجبر هيئة سوق المال لإعادة فحص أدت لهذا الاكتشاف. لم أجد جواباً لدى الإخوة في «مال». استفسار جهة أمنية عن عمليات مالية هو ما وضع القضية «تحت المجهر» بحسب الصحيفة، وكأنها سابقاً تحت «دربيل» مقلوب.

إن ما حدث في سوق الأسهم عام 2006 كارثة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، اقتصادية واجتماعية وأخلاقية طاولت معظم الأسر السعودية والمقيمة، والآن بعد كل هذه السنوات الـ…، يظهر واحد من «رواد» هذه الكارثة، وتكون العقوبات بكل هذا الحنان، ولا يعرف ماذا استطاع أن يجمع ما سمي مخالفات، وهي تلاعبات تمثل ثقباً واسعاً في الأمانة، كما لم تفصح السوق المالية هل كان يعمل لوحده أم معه بعض المتنفذين أو أبنائهم، فهل يعقل أن كارثة بذلك الحجم لا نرى منها إلا هذه النتفة!

إن كارثة سوق الأسهم لم تكن خسارة مالية فقط للوطن، بل حققت أكبر شرخ للثقة بالأجهزة الحكومية، وشعر الناس أنه لا يوجد أمن «مالي». هذه حقيقة، وما نراه الآن من عدم ثقة بكثير من القضايا والجهود، كان التعامل الرسمي مع كارثة الأسهم أساس له.

من أضعف الإيمان، ولبعض من إبراء الذمة الواجب على أصحاب القرار في هيئة السوق المالية، «الثرية» من الغرامات، أن توفر الاستشارة القانونية «المجانية» لكل من يريد رفع قضية سواء ضد الشخص أم البنك، وتضع الخطوات اللازم اتباعها في صدر صفحتها على الأنترنت، وإن تلزم من خلال «والدتها» مؤسسة النقد، البنك بتوفير البيانات لكل متداول أو مساهم في تلك الفترة مجاناً ومن دون تعطيل، فهم في واقع الأمر الضحايا الذين تتكسب الهيئة من جراحهم المالية في كل قضية تنجح بتبعها، استناداً إلى ملاحظة أمنية أو من دون.

في كانون الأول (ديسمبر) من العام 2008 انفجرت فضيحة مادوف في «وول ستريت»، إذ كشف عن احتيال الرئيس السابق لمؤشر أو بورصة نازداك. في آذار (مارس) من 2009»، وليس بعد عقد كامل أو يزيد من الأعوام «قضت محكمة أميركية عليه بالسجن 150 عاماً، وأصبح على الحديدة». تورد لنا أساليب التلاعب من الدول المتقدمة، ولا نستورد منها أحكام الضبط والردع.

 

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.