الوعي كمخرج للطوارئ

أيهما أكثر وعياً الأجهزة الحكومية أم المواطن؟ في المفترض والمنتظر أن تكون الأجهزة الحكومية أكثر وعياً، لأنها منظومة من متخصصين «كما يفترض»، ولديها خطط وأهداف وموارد «كما يفترض»، وأهم بند يدعمها أن عليها مسؤوليات ولديها صلاحيات. كما يتاح لهذه الأجهزة الحصول على المعلومات متى ما أرادت وبالطريقة التي تراها مناسبة.
كل هذا في المفترض، ولست في حاجة إلى المقارنة بين وعي المواطن وجهاز حكومي أو آخر، ولو عددنا كثيراً من القضايا لربما اكتشفنا تفاوتاً في الوعي هنا وهناك لمصلحة المواطن، إنما نعود إلى المفترض في جهاز أو أجهزة هي الأكثر وعياً وإدراكاً و«علماً» و«بخصاً»، ونطرح سؤالاً بسيطاً عليها كلما كررت الاتهام للمواطن بعدم الوعي. السؤال لماذا أيها الواعون لم تتمكنوا حتى الآن من تحقيق وعي مناسب في مخيخ المواطن، بعضاً مما عندكم لله يا محسنين، فحين يُقال إن وعي المواطنين هو السبب لهذه القضية أو تلك يُسأل من قال عن دوره في استمرار العلة.
شركة المياه أعادت إلى الأذهان «أسطوانة» كان مسؤولون وأجهزة يكررونها في وضع المسؤولية على «وعي» المواطن عند تأزم قضية أو تضخم حاجات واكتشافها «فجأة»؟ لم يبق سوى أن يُقال إن وعي المواطن هو سبب العجز المالي والحاجة إلى الاقتراض.
قالت شركة المياه: «سبب ضجر المواطنين من ارتفاع تسعيرة المياه عدم وعيهم واستيعابهم لما قررته وزارة المياه والكهرباء من قوائم التعرفة الجديدة»، وأضاف المتحدث باسم الشركة «إن بعضهم لا يعلم كم يستهلك من المياه شهرياً، أو حتى إن كان منزله يحتاج إلى صيانة وقائية».
الخلاصة الشركة تقول: «مالنا دخل»، هذه تسعيرة وزارة المياه والكهرباء ويمكن للمتضرر الشكوى للوزارة.
لو افترضنا صحة ذلك «المواطن غير واعٍ»، ماذا عن وعي الشركة في فصل الوحدات السكنية الصغيرة بعضها عن بعض بعدادات مستقلة قبل تطبيق التعرفة؟ أين كان! أرجو ألا يقال هذا دور الوزارة؟ لأن الوزير لن يستطع تحمل الخروج في الإعلام كل فترة للتبرير. هناك سوء وإسراف في استهلاك المياه نعم، وهناك أيضاً خلل في الفوترة والحساب وتسربات داخل الشبكة. راجعوا أنظمة الشركة الداخلية وفعالية الإدارة، بدلاً من استخدام الوعي مخرجاً للطوارئ.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.