توظيف «البوكيموني»

كان التعرف على المشاريع المتعثرة مسألة سهلة كلما كان لها بناء يشيّد مع أخبار وتصريحات منشورة تعلن عنه.
وفي زمن سابق ألزمت هيئة مكافحة الفساد (نزاهة) الجهات الحكومية بوضع لافتات تبين الفترة الزمنية لتسلم وتسليم المشروع ومبلغ العقد، في محاولة منها لإشراك الرأي العام بمزيد من الشفافية، وللضغط على المقاول والجهة صاحبة المشروع، هذا في زمن سابق، أما الآن فلا نعلم ماذا تفعل «نزاهة»، هل ما زالت على هذه القاعدة أم لا؟
لكن تعثر المشاريع يهون، «لأنها مشاهدة رؤي العين»، أما تعثر غير المشاهد وغير الملموس فهو المشكلة المستعصية، وهو هنا الافتراضي في مقابل الواقعي. فمع كثرة الدراسات الاستشارية وإعادة درسها لذلك البرنامج وتلك الخطة والمبادرة لا يعلم أحد عن صحة مسارها وحقيقة جدواها، والأنباء التي ترد من كواليس اجتماعات الاستشاري الحكومي مع الاستشاري الخاص «العقال في مقابل ربطة العنق» تشير إلى مزيد من الدراسات المدروسة، ولأن هذا حبيس الحاسب المحمول، وربما بعض الأدمغة، وليست هنالك من مؤشرات على إشراك الرأي العام بحقيقة ما «يدرس»، ومدى جدواه وكفاءة من يقوم عليه، لذلك وجدت أن أقرب صورة مطابقة لهوس الدراسات الاستشارية الذي استفحل في البلد، هو الهوس بلعبة الصيد والفضول في «بوكيمون»، فهو صيد موجود وغير موجود، والأخيرة للتسلية و«جمع المعلومات»، والأولى للتنمية و«جمع المعلومات»، ويجمع بينها أنهما من العالم الافتراضي!
إن المنطق والمصلحة العامة يحتمان، لإنجاح أية خطوة أو خطة وطنية، إعادة تقويمها في كل مرحلة يتم هذا التقويم، ليكون ناجعاً ومفيداً من فريق خارج الإدارة المنفذة، سداً لثغرات تعارض المصالح وتقاطعها، هذا ما سيكشف عن معرفة المسار وتقويم الاعوجاج والانحراف المحتملَين، والتدقيق في «استثمار» أو «استغلال» المشكلة المحتملَين، في مقابل السعي وبذل الجهود لحلها، وهو المطلوب والهدف المعلن.
إذا لم يتم ذلك فإننا في «واقع» الأمر مثل لاعبي «بوكيمون» الذين يبحثون عن صيد «ثمين» افتراضي، ويقتحمون كل مكان لأجل هذا الافتراضي المتوالد من غير نهاية، والخسارة هنا متحققة، أما الأرباح فهي لـ«البوكيموني» ومن برمجه.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.