النفايات محفز لتحسين الخدمات!

وزارة البلديات من الوزارات التي مكثت ردحاً طويلاً من الزمن في حال جمود حد التصلب، فالجهد للأمانات في المدن، وبحسب «التساهيل» في القرى، والأضواء للوزارة! لكن، في واقع الأمر لم تتمكن هذه الوزارة، بوصفها جهة مرجعية لديها موارد وصلاحيات، من نقل التجارب الجيدة من مدينة إلى أخرى، كما لم تتمكن من وقف «تجارب» سلبية كي لا تكون مصدراً للإصابة بالعدوى، كانت مثل المتفرج الذي إذا أراد الإدارة أصدر تعميماً، يضاف إلى ذلك دورها المشهود في ملف المنح والموافقات على مخططات أدى بعضها إلى كوارث السيول أو تورط مواطنين بالشراء في مخططات مدفونة. بقيت على هذه الحال إلى أن جاءت «الرؤية» لتكون بالنسبة إليها مثل سيارة إسعاف.
وبحكم أن المنافسة بين الأجهزة الحكومية ساخنة لاستيلاد رسوم «لتنويع» مصادر الدخل، جاءت رسوم الخدمات والنفايات. وزير البلديات قال في تصريح صحافي إن «الرسوم لتحسين الخدمات»، فما هي الخدمات التي سيتم تحسينها؟ النظافة موكلة بعقود ضخمة منذ سنوات طويلة لشركات، والبلديات همهما الأساس إصدار «الرخص» من فسوح بناء إلى حفر الشوارع، التي اكتشفت أخيراً بمثابة مصدر جديد لتنويع الدخل! وإذا أردت أن تعلم «خدمات» البلديات فانظر إلى حجم مساحة الرقع الخضراء في المدن، وكيف تحولت أراضي مرافق عامة إلى منصات لاستثمار القطاع الخاص، كمدارس ومستشفيات، تحت أنظار الوزارة. ولا تنسَ الترفيه، الذي خصصت لقطاعه الخاص أراض كبيرة بأسعار رمزية سنوات طويلة، ليفرض ما يشاء من أسعار، أما ما يصل إلى المواطن العادي فهو لا يتعدى سيارة نظافة تزور الحي، أو مراقباً يلاحق شاباً يبيع البطيخ.
بدلاً من استثمار النفايات بمبادرة ذكية يتم وضع رسوم عليها، وإعادة تدوير النفايات، الذي تقدمت فيه مختلف دول العالم الأول والثالث منذ زمن بعيد، كان ملفاً «محفوظاً» في بلادنا، والطمر كان الحل، حتى توقعنا أن الهدف «نفط للمستقبل».
في بلاد أخرى يجري حفز السكان لفرز النفايات ووضعها في حاويات مختلفة بحسب أنواعها، بمقابل مادي يحصل عليه الفرد، حسنٌ؛ في مقابل هذه الرسوم على ماذا سيحصل المواطن من خدمات جديدة؟ هل ستتوسع الحدائق ومواقع الترفيه «العامة»، على سبيل المثال لا الحصر؟! بالطبع هذا لن يحدث، لأنه لم يحدث في ظروف أفضل.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.