كان الرد الآلي من مسؤولي وزارة التجارة طوال عهدها أن السوق حرة وخاضعة للمنافسة وآليات العرض والطلب، وكان المواطن لا يرى مثل هذا حقيقة على أرض الواقع، وإن بدا شعاراً لطيفاً متقدماً. الرد الآلي هذا قبل استحداث وتفعيل الخدمات الإلكترونية التي أراحت الموظف أكثر من المراجع.
تم تسويق هذا الوهم بإصرار رسمي، ما أدى إلى استفحال احتكار القلة وتغوله، إلى أن تم تفعيل مجلس المنافسة بعد سنوات طويلة من إنشائه، وكان لوزير التجارة السابق الدكتور توفيق الربيعة وفريقه الجهد الأبرز في محاولة تعديل الكفة، للحفاظ على حقوق المستهلك المهدرة. ذكرت سابقاً أن القرارات التي صدرت أخيراً بالتشهير والغرامة، بسبب احتكار تجار هي نتيجة جهود سابقة، ولأننا عهدنا أنه حينما يتغير المسؤول يتغير العمل، وليس بالضرورة أن يتغير إلى الأفضل، فإننا ننتظر من وزير التجارة الجديد استمراره على ذلك النهج مع تطويره.
ومجلس المنافسة بمجلس إدارته الجديد هو أيضاً على محك الامتحان، فهل سيسعى إلى مواجهة الاحتكار، أم سنرى تخاذلاً في ذلك؟
صحيفة «المدينة» ذكرت أن مجلس المنافسة يتقصى عن أسعار تأمين المركبات، بناء على شكوى من الغرفة التجارية، والمعنى أنه لولا تضرر مصالح التجار في الغرفة لما بحث وتقصى المجلس، فهو ينتظر من يشتكي، وكأنه ليست له أدواته الخاصة للبحث والتقصي والمتابعة، مع أن التأمين بمجمله عليه علامات استفهام وتذمر منذ انطلاقه، وتم السماح لشركاته بالتراخيص و«التجارب»، وطرحت للاكتتابات على المواطنين النطيحة والمتردية بصورة مذهلة، لم يستفد منها سوى «العاملين عليها»، وبعد الامتصاص بدأت شكاوى الشركات من الخسائر.
لم يسأل أحد عمن وافق على تراخيصها وطرحها للاكتتابات وأسلوب «التوظيف» فيها، خصوصاً لكبار موظفيها، فالتلاعب بالحقوق واستغلال عدم علم العميل بهذه الحقوق يحدث، إلى أن تظهر القضايا على السطح وتتضخم، والذي يريد أن يؤسس قطاع تأمين تحترم فيه حقوق كل الأطراف يجب عليه أن يحافظ على هذه الحقوق بعدل وإنصاف، وألا يترك «المواطن» نهبة لتجارب واستغفال إدارات شركات التأمين.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط
الأربعاء، 17 نوفمبر، 2010
هل لدينا سوق ( منافسة كاملة ) ؟!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يتحدث الكثير من المسؤولين عندنا للإعلام عن ان السوق لدينا هي سوق منافسة كاملة ،
ويحاولون بشتى الطرق اقناع الناس بأن السوق السعودي سوقا مثالية وتتمتع بالمنافسة الكاملة ، وإني
لأعجب من مثل هذا التبسيط للأمور وفرضها على الناس فرضا .
فقبل عام تبنت هيئة الإتصالات فكرة الحد من العروض التنافسية بين المشغلين الثلاثة لخدمة الإتصالات !
وقبلها بسنوات شهدنا تدخل وزراء لحماية اسعار الألبان من الإنهيار عندما بدأت شركات الألبان حرب الأسعار !
وشهدنا تدخلا لمنع محطات الوقود من التخفيضات ، مما اضطرهم لتوزيع مناديل ورقية ( من تلك المناديل المعاد تدويرها ) مع أن العروض تصب في مصلحة المستهلك ، و لن يبيع احد من المشغلين الخدمة بخسارة ابدا ..
ولكن رأينا ( تحكما ) وتصريحات من هيئة الإتصالات يندى لها الجبين وتكثر حولها علامات الإستفهام والتعجب ، فكيف يكون لهيئة وجدت اصلا لتنظيم الخدمة وحماية العملاء من المستفيدين من خدمة الإتصالات بأن تتبنى موقفا ضدهم ؟!
والغريب ايضا ان تصدر تصريحات القائمين على الهيئة دفاعا عن (شركة الاتصالات السعودية ) . والأشد غرابة هو إختفاء صوت الهيئة عندما حصل انهيار نظام الفواتير لمدة زادت عن الثمانية شهور ، تماما كما اختفى صوت شركة الاتصالات التي استمرت فقط في إجترار عروض سبق تقديمها للناس ولا تعدو كونها مواد إعلانية واعلامية هلامية !
اتذكر هذا وانا ارى اليوم واتأمل حال شركات الطيران حينما تحاصر الشركات الجديدة وترغم على منافسة شرسة غير متكافئة ، فكيف تستأثر الخطوط السعودية مثلا بالوقود المدعوم المخفض دون غيرها من الشركات ؟!
وكيف ترغم الشركات الأخرى على رحلات لمحطات غير اقتصادية و غير ذات جدوى تشغيلية ؟
وكيف تحتكر الخطوط السعودية سوقا لا تستطيع بإسلوبها الحالي أن ترضي عملاءها فيه ؟!
اليس الأجدى فتح المجال لمن اراد ان يقدم خدمات النقل بين مطارات المملكة ( خاصة الرئيسة منها )!؟
اليست شركتي (سما ) و ( ناس ) شركات وطنية وتستحق الدعم للوقود مثلها مثل الخطوط السعودية ؟
أو أن يرفع الدعم عن الخطوط السعودية لنرى الكفاءة التشغيلية على حقيقتها !
وأتذكر مقارنة غريبة قالها بالأمس الاستاذ الحصين (وزير المياه والكهرباء )
في قناة الإقتصادية دفاعا عن اخطاء شركة الكهرباء ..
فقد قال : يدفع المواطنون السعوديون ما قيمته 4 بليون ريال سنويا للمياه ،
ويدفعون ما يقرب من 20 بليون ريال للكهرباء بينما يدفعون للجوال 60 بليون ريال !!
طبعا لا اتذكر بالضبط التصريح ولكن الأرقام هي تقريبا كما ذكرها وزير المياه والكهرباء ،
ولنا ان نعجب ايضا من هذه المقارنات .. وكأنه يقول :
( اذا كانت شركات الإتصالات تأخذ فلماذا لا نأخذ نصيبنا ايضا )!!!
نسي أو تناسى ان اساس التنمية هو رفاهية الإنسان ، وليس من الرفاه أن يتم التضييق على الناس في معايشهم لتبرير اخطاء اتضح انها من سوء تعامل هذه الشركة أو تلك مع العملاء في ظل عدم وجود محاسبة لتلك الشركات .
خلاصة الموضوع أن سوقنا الإقتصادية ليست سوق منافسة ابدا ، فهي سوق التاجر يصول به ويجول ويبيع كيف شاء ، ويفرض قرار البيع على المستهلك ولا ادل على ذلك من نظام شرائح الإستهلاك الكهربائي الذي ادعت الشركة في البداية أنها لترشيد الإستهلاك ،
فكانت النتيجة ان الإستهلاك يتزايد وحال المواطن الإقتصادية تتناقص .