هل استثمرنا الحج؟

هناك ثروة من تراكم معرفة وخبرة تمت خلال سنوات طويلة من إدارة مواسم الحج والعمرة، وهي ثروة تجارب تمس الاقتصاد والإدارة والأمن، ويتفرع منها الكثير مما يُعنى بالإنسان والبيئة وإدارة الحشود، كل هذا – في المفترض – يشكل علماً يدرّس كتخصص ويطرح للبحث والتطوير، كما أن وفود الحجاج من مختلف بلاد العالم تضيف تجارب متباينة ما بين السلبي والإيجابي، بل إنها تشكل نموذجاً لمعرفة تلك المجتمعات والدراية بها وبشؤونها من الداخل، من الإيجابي على سبيل المثل، فإن الحجاج المقبلين من شرق آسيا وبخاصة الحجاج الماليزيين يوصفون بأنهم الأكثر تنظيماً وانتظاماً من بين مختلف الحجاج، وهي تجربة من المفترض التفكر فيها ومحاولة تعميمها، كما أن هناك سلوكات سلبية طبعت بعض أفراد من جنسيات تفد أو تستغل موسم الحج.
ونحن ننظر إلى الحج كموسم موقت، فخلال أشهر قليلة من السنة تنتظم جهات حكومية مختلفة استعداداً لإدارة الموسم، لتبلغ الذروة في شهر ذي الحجة.
لكن، بالإمكان أن يكون الحج حاضراً إعلامياً ومعنوياً وثقافياً طوال العام، ليس في الداخل بل في أقطار العالم الإسلامي، إن هذا يضيف إلى التجربة أبعاداً إيجابية كما يساهم في التوعية والتهيئة لمن يرغب في الحج مستقبلاً في تلك البلاد، مع التركيز على القدرة والاستطاعة فمن لم يستطع لا حرج عليه.
وكما هو معلوم هناك حجاج من دول مختلفة يدخرون أموالاً طوال سنوات حتى يتمكنوا من أداء الفريضة، والسعودية لا تفرض مالاً على الحاج للمرة الأولى، لذلك لا بد من معرفة سبب الحاجة إلى ادخار طويل، هل هو بسبب انخفاض مستوى الدخل أم أن حكومات ومكاتب حج تفرض مبالغ مرتفعة تسيء إلى صورة السعودية.
السعوديون لا يمكنهم الحج إلا بعد خمس سنوات من حجتهم الأخيرة، لذلك انخفض عدد الحجاج من الداخل كثيراً، بخاصة مع شروط التصاريح، وأستبعد المخالفين هنا، ففي كل عام تضيق حلقة منع المخالفين أكثر فأكثر، وأرى أحياناً في الأخبار أفراداً من دول مختلفة يحجون كل عام تقريباً، فلماذا يتم التصريح بالحج لمن حج حتى ولو كان ديبلوماسياً أو له صفة أخرى؟ فهذا الشرط فيه تخفيف على الحجاج للمرة الأولى وعلى إدارة الحج.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.