«وازع»

هناك انطباع سلبي سائد عن عمل هيئة مكافحة الفساد (نزاهة)، وتكاد تتحول إلى كيس ملاكمة، يتحمل الضرب نيابة عن أجهزة حكومية أخرى تدور حول أعمالها ونشاط مسؤولين فيها تساؤلات وإشاعات. إذ كان من المنتظر بعد إنشاء الهيئة أن يلمس المواطن جهوداً حقيقية لمكافحة الفساد وحماية النزاهة، وأن ينعكس هذا على الأداء الحكومي في المشاريع الصغيرة والكبيرة، لكن المواطن لم يرَ فعلاً معتبراً واضح المعالم، اللهم سوى بعض ردود الأفعال الصغيرة والوقتية ضعيفة الأثر!
ومع ظهور تبرير ضعف الوازع الديني والأخلاقي الذي اكتشفت الهيئة تسببه في أنواع من الفساد في الجهاز الحكومي «الخدمي» يتوقع منها أن تبحث في أسباب الضعف ومكامنه ثم العمل على تقويته. حددت النتيجة التي توصلت إليها دراسة «نزاهة» أن الجهاز الحكومي «الخدمي» هو المصاب بالفساد، وكأن ذلك يشير إلى أن الجهاز الحكومي غير «الخدمي» سليم، أو يحتاج إلى دراسة هو الآخر!
من الواضح – وبعد هذه المدة من عمرها – أن لهيئة مكافحة الفساد قدرات محدودة، ونطاق بثها في المكافحة وحماية النزاهة ما زال هو الآخر ضعيفاً ولا يتعدى الصوت، وهي – في تقديري – لا تختلف عن جمعية حقوق الإنسان أو هيئة حقوق الإنسان في القدرات وإمكان العمل وحدوده.
وإذا بدأت جهة حكومية تتحدث عن التوعية ومسؤولية المجتمع حول هذا الشأن وذاك، خصوصاً في شأن يتعلق بصلاحيتها ووظيفتها التي أنشئت من أجلها، فهو من دلائل انخفاض السقف عندها، وعدم قدرتها على فعل شيء خارج الأحاديث عن التوعية وتحميل المجتمع السلبيات.
وبحكم أن «نزاهة» توصلت إلى مسؤولية ضعف الوازع الديني والأخلاقي يمكن لها أن تعمل كما عملت وزارة العمل في بداية طفرتها في النطاقات، فيكون لدى «نزاهة» برنامج بمسمى «وازع»، يفتح بابه لكل من يريد تقوية وازعه الديني والأخلاقي، ويفضّل أن تُصرف له مكافأة لشجاعته في الإعلان عن نقص يعتريه في الديني والأخلاقي.
ومثلما أسهم «حافز» في مد نطاقات ونهج وزارة العمل ليصبح ملهماً لأعمال الحكومة ككل، أتوقع أن يسهم برنامج «وازع» في إقناع الرأي العام بأن العمل على المكافحة للفساد وحماية النزاهة بعلاج الأسباب أصبح قيد التشغيل بعد سنوات من التسخين.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.