غير المسبوق والمتكرر

تشعر بأن الجهاز الحكومي، وزارة أم هيئة، ليس إلا فرداً لا منظومة إدارية! يمكن استشعار هذا من ردود فعل جهات على حوادث أو مصائب. فالأصل هو إبعاد المسؤولية ورميها على طرف آخر، إما بتلميح وإما بتصريح. وتبدو هذه الأجهزة في بياناتها المتضادة مثل ضيوف في برنامج «إعلامي» يعيش على القضايا الجدلية ولا ينتهي إلى نتيجة مفيدة.
سيتوارى الاهتمام بمخاطر السيول إلى حين عودتها إلى الفيضانات وحدوث مزيد من غرق البشر والممتلكات! هذا هو المتوقع، ومنه أيضاً أن التراشق بين الأجهزة الحكومية حول المسؤوليات ينتهي بانتهاء نشر التصريحات المتضادة،
لنترك شدة الأمطار «غير المسبوقة» ونأت على ذكر تقاذف المسؤوليات المسبوق، سبق في زمن ماض أن تسابقت الأجهزة الحكومية إلى رمي المسؤوليات على بعضها البعض، وهي حال متكررة عند كل ملمة، وتأثير الأمطار يأتي بالجملة، لذا ينكشف الواقع المر في صورة «غير مسبوقة» وإلا فإنه إذا ما أخذناه بالتجزئة حاصل في قطاعات عدة، يضيع أثره وسط الهموم المختلفة.
دعونا نتفق على أن الأمطار غير مسبوقة في شدتها، ولنتجاوز الفشل في عدم إمكان تصريفها للأسباب المذكورة رسمياً، وفي مقدمها «بنية لا تستوعب»، نتفق على هذا مع المسؤول، إذاً في الحد الأدنى، ما الذي منع تقليل حجم الخسائر على المواطنين بالاستعداد والتحذير وإقفال الطرق قبل وقت مناسب؟!
لماذا لم نجد «جهة موحدة» تدير الحدث قبل بدايته وأثناء حدوثه إلى حين انتهاء خطورة الحالة. هنا ستأتي المفردة العتيقة «التنسيق» وإشكالاته مسبوقة سباقة، وهي عادت إلى الواجهة في تقاذفات الأرصاد مع تعليم عسير، الذي فزعت له وزارة التعليم حول الغرق في أبها، ومثله حصل لجهات أخرى في المنطقة الشرقية.
قضية خطرة مثل سلامة المواطنين، أرواحاً وممتلكات، تضيع في «لم يصلنا.. و..أرسلنا»!
لا يحتاج المرء إلى الغوص لمعرفة أن العلة إدارية؛ استوطنت حتى تحولت الى تراث!
الإجراء السريع البسيط، مع انكشاف العلة الإدارية، هو العمل على إصلاحها، لماذا لا يجتمع المتقاذفون لحل هذا الإشكال؟ أم لا بد من صدور توجيه من سلطة أعلى للحسم؟! ولعلم وزراء التعليم والبلديات والمياه ورئيس الأرصاد أن البيانات الصحافية لا تخلي من المسؤولية.

 

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.