كشفت مصادر…؟

اختلط الحابل بالنابل في الإعلام، من الصحافة إلى وسائل التواصل، وما يسمى «الإعلام الجديد»، وأصبح الاستناد إلى «مصادر» من دون ذكرها أمراً مألوفاً، ويمكن قبول بعض الأخبار من دون ذكر اسم المصدر، بدعاوى حمايته أو احترام رغبته في عدم الإشارة إليه! قد يُقبل ذلك من وسيلة الإعلام المحترمة، فالثقة والتصديق هنا قائمان على تاريخ الوسيلة ومقدار ثقة القارئ أو المتابع لها، لكن كثرة استخدامها في وسيلة ما، مؤشر ضعف سيؤثر على المدى المتوسط في صدقيتها وقيمة ما تنشره عن متابعيها، أما إذا ثبت عدم صحة ما نشرته، وتعدد، فهو خطر على الوسيلة نفسها قبل غيرها، حتى ولو كانت نتائج هذا الخطر لن تظهر سريعاً.
وفي الأخبار المحلية لم تعد الأجهزة الحكومية تهتم كثيراً بنشر نفيها في الصحيفة التي نشرت الخبر المنفي، بل إن بعض الأجهزة لم تعد تكلف نفسها بذلك، اللهم إلا إذا أصبح «وسماً» اهتم به مستخدمو «تويتر»، أو «رسالة» احتلت واجهات «واتساب».
لذلك فإن فرز الأخبار لمعرفة دقتها وحقيقة المعلومات التي تحويها أصبح أكثر صعوبة.
انزواء الإعلام الرسمي وضعفه مع هذا الوضع أدى إلى قابلية تصديق مختلف الأخبار السلبية، وكلما كانت الأخبار تتضمن أرقاماً، ومكتوبة بعناية، وتستهدف قضية هي محل انشغال الرأي العام، كانت أقرب إلى الرواج والانتشار، وازدادت صعوبة الإقناع بعدم صحتها.
ولو جمعت إدارات العلاقات العامة والإعلام في الأجهزة الحكومية لأصبح لديك أكبر من وزارة إعلام، لكن هذه الإدارات ظلت على ما هي عليه في أسلوب العمل، ولم تستطع التطور لمواكبة الإعلام الجديد والتفاعل معه. ويمكنك زيارة أي موقع لجهاز حكومي، وزارة أو هيئة أو مؤسسة، لتجد أن الاهتمام بأخبار «مقابلات وجولات» رئيسها أو وزيرها أهم من أخبار رائجة عنها، وتهم الغالبية من المواطنين، أما إذا حاولت البحث في مثل هذه المواقع عن حقيقة خبر منشور، عملاً بالعذر الشائع: «الرجوع إلى المصدر الرسمي للحصول على المعلومات الصحيحة» فلن تجد شيئاً.
 

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.