لم يتعرض الإسلام في العصر الحديث لخطر أكبر من خطر وصمه بالإرهاب، ومنذ زمن بعيد قاتلت الدولة الصهيونية لوصف العمليات الفدائية الفلسطينية بالإرهابية ولم تنجح، كانت المقاومة حقاً مشروعاً مسلماً به لدى العالم أجمع، إلى أن ظهر تنظيم القاعدة على السطح، فقلب الموازين، وقدم للصهيونية وأعوانها ما تبحث عنه على طبق من ذهب، وأصبحت مشروعية مقاومة المحتل أمراً خلافياً!
خسائر المسلمين لا تحصى خلال سنوات قليلة، وهي بحاجة إلى رصد من الباحثين في الشأن الإسلامي، لقد دفعت “غزوات” تنظيم القاعدة المسلمين إلى موقف دفاعي ضعيف وهش، وقدمت دليلاً للأعداء يستخدمونه متى احتاجوا إليه، ولم تستطع الحكومات الإسلامية استثمار ذلك في شرح أسباب تلك النقمة المتهورة وظهور تنظيمات مثل القاعدة، وأن المجتمع الدولي – خصوصاً القوى العظمى – مسؤول في المقام الأول عن ذلك، بتعنتها في حل عادل لقضية فلسطين. ولأن العبرة بالنتائج ليس من المصلحة الخوض في نقاش عن ماهية القاعدة، وهل هي مستخدمة أم لا، النتائج واضحة للعيان.
لذلك يجب أن نعي درس النتائج السيئة لأفكار وغزوات تنظيم القاعدة، فلا يقع بعض منا في ما وقعوا فيه، فتنقلب الأمور مرة أخرى رأساً على عقب، والأخبار عن اقتحام وإحراق سفارات الدنمارك في بعض الدول العربية مسيئة للإسلام والمسلمين، والبلاغات عن متفجرات في مقر الصحيفة الدنماركية تسيء للإسلام والمسلمين، والتعرض للدنمارك الدولة والمواطن خطأ آخر، الدولة والمواطن باقيان، وقضيتنا مع حكومة وصحيفة، والمقاطعة للمنتجات الدنماركية تعبير بسيط وهو من أضعف الإيمان، وهدفه الدفاع عن الركن الأول من أركان الإسلام، ووضع حد للحث على كراهية الإسلام والمسلمين، والذين سخروا من المقاطعة تجاوزهم طوفانها، والذين استهزأوا بالبحث عن “موقف” إسلامي موحد لا يرون أبعد من أنوفهم، ففي كل شأن عام يظهر علينا حزب الاتجاه المعاكس، كما أن حماسة البعض من الذين شمروا عن أقلامهم لنقد تلك الدولة أو أصحاب ذلك المذهب لتأخرهم في التفاعل مع المقاطعة تضر أكثر مما تنفع، الحاجة ماسة لتضافر جهود المسلمين ودولهم بكل أطيافهم لتجريم ظاهرة كراهية الإسلام والمسلمين. ينشر هذا المقال يوم الاثنين ولدى وزير الخارجية الدنماركي في الغد موعد للقاء كوفي أنان “لشرح موقف بلاده” كما قالت وكالات الأنباء، القضية وصلت الى هيئة الأمم المتحدة، وللإخوة في منظمة المؤتمر الإسلامي وفي مقدمهم الأمين العام أقول هل هناك وقت أفضل من هذا الوقت للتقدم بإصرار لإصدار قانون دولي يجرم ظاهرة كراهية الإسلام والمسلمين والتعرض لرموزهم الدينية؟ دعونا نحقق فائدة تذكر وتبقى.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط