الفهم المتبادل

العلاقات بين الدول مقدمة ومدخل للعلاقات بين الشعوب تؤثر فيها وتتأثر نسبياً بها، فالأنظمة السياسية تتعامل مع بعضها بعضاً بحسب المصالح الآنية والمستقبلية، والشعوب وإن اختلفت أيضاً تلعب المصالح الدور الأكبر في علاقاتها مع حضور أكبر للعواطف، وهو حضور مرتبط بالأحداث والمواقف والسياسات.
ولو بحثنا في الخلفيات عن أهم أسباب إشكالية العلاقات بين العرب والغرب، فإن صورة إسرائيل ودعم الغرب لها غير المحدود العنصر الأساسي في إشكالات العلاقات العربية مع الغرب والقوى الكبرى منه، خصوصاً الولايات المتحدة ودول غربية أخرى.
وعلى رغم التنازلات العربية التي شجعت عليها القوى الغربية أو أبدت تقديرها لها، في المفاوضات مع إسرائيل لتحقيق سلام يعيد للفلسطينيين بعضاً من حقوقهم التاريخية، إلا أن هذا لم يزحزح المواقف المتصلبة لإسرائيل، فلم تتعاطَ مع المبادرة العربية وأهملتها وفي كل خطوة إيجابية يبادر إليها العرب لحلحلة القضية تواجه برفض إسرائيلي ومطالبات بمزيد من التنازلات. واستمرأ الغرب لعبة المفاوضات لأجل المفاوضات لتصبح هدفاً سياسياً لا أداة لتحقيق هدف السلام، حتى وصلت الشعوب العربية إلى قناعة تامة بأن الدور الغربي تمحور حول الإلهاء والتخدير، وأن حماية مصالح التطرف الإسرائيلي سياسة غربية ثابتة، فلم يعد الغرب مقنعاً كوسيط مع انحيازه ومسايرته التامة لإسرائيل. وأمام واقع التعنت والصلف الإسرائيليين ومسايرة الغرب لها، كان من الطبيعي أن يوفر هذا الواقع فرصاً لقوى مختلفة للصعود والبروز في المنطقة، من دول وجماعات وأحزاب.
وفــي مقـــدـم المستفيدين من هذا الواقع كان نظام الملالي فـي طهران بأدواته المختلفة، استغلت طهران ذلك لفرض هيمنتها على دول عربية بشعارات إسلامية، وبمستوى أقل استفادت منظمات إرهابية، مثل «القاعدة» ولاحقاً «داعش»، من ذلك، لم يكن لهذه القوى الصعود وجذب العواطف لولا تطرف إسرائيل، فهل الغرب لا يعي ذلك في بحثه عن الانتصار على الإرهاب؟

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.