“صندقة”

ارتبط في ذهني اسم “أمين” بالصندوق، فلا أرى شخصاً اسمه أمين إلا واسميه أمين الصندوق، كأن الصندوق تحول إلى عائلة لها أبناء أكبرهم أمين وابنه مفتاح وبناته المفاصل، سبب هذا الارتباط هو كثرة الصناديق، بعض منها نجح نجاحاً كبيراً وأعطى لفترة طويلة، مثل صندوق التنمية العقارية، ثم أصيب بالشيخوخة، فالصندوق ظل لزمن لا يكبر فهو بالطول والعرض والاتساع نفسه، والقادمون إليه يتكاثرون، وكان أن فاض الطلب على العرض، هذا الفيضان تجد آثاره في أوضاع المتعلقين بحافة هذا الصندوق.
 من جهة أخرى، هناك صناديق ما زالت تعطي بالزخم والقوة ذاتهما للمستفيدين منها، وهم قلة، مثل صندوق التنمية الصناعية، أما الصندوق السعودي للتنمية فهو موجه للخارج فقط لا غير! وبعض من الصناديق ما زال ينتظر، بضم الميم، مثل صندوق الفقر، الذي لم يعرف حتى الآن في أي سفينة ركب؟ نعوذ بالله الكريم من أن تكون مثل عبّارة السلام، دعونا نأمل بأن تعثر عليه بعثة الاستكشاف المسافرة إلى الربع الخالي!
ويلاحظ أنه كلما كان عمر الصندوق أكبر وأقدم في الخدمة يكون أفضل حالاً من الصناديق الجديدة، مثل السلع المصنعة، الأقدم منها أفضل حالاً ومتانة من الجديد، لذلك أسحب واحداً من اقتراحاتي المطروحة في مقال سابق بعنوان “سرير لله يا محسنين”، اقترحت فيه إنشاء مستشفيات موقتة حتى يتوفر سرير لكل محتاج، بدلاً من الاختناق الحاصل وفترة الانتظار الطويلة والواسطة التي قد لا تتوافر للغالبية من المرضى، هذا اقتراح ما زلت متمسكاً به بشرط أن يتم تشغيل هذه المستشفيات بسرعة ولا تظل مباني مهجورة كما حصل لسنوات في مستشفيات عايشنا أوضاعها، أما الاقتراح المسحوب فهو إيجاد “صناديق للأسرة”، فبعد تفكير عميق وجدت أن للصندوق علاقة بالصندقة، والصندقة لمن لا يعرفها، هي الواحدة من تلك الأعشاش الهشة من الصنادق التي تنشأ على أطراف المدن يعيش فيها الفقراء وبعض العمالة، بل ان الصندوق إذا تم تفكيكه ربما يدهشنا ما يحتويه، ولعلك عزيزي القارئ “تشغل مخك” وتقرأه بصورة مغايرة، هكذا “صن… دوق” ربما يخبرنا هذا ببعض مما في داخله، ثم تخيل معي سريراً في صندوق كيف سيتنفس من رمي عليه، وما هو حال أمين صندوق في صندوقه مريض! سيعتقد انه أمين لـ “صندقة” وربما يرمي مفتاحه في أقرب حاوية، والطامة الكبرى لو أخذ بهذا الاقتراح أنه قد يأتي من يقول عن حاجته إلى استراتيجية! وستتفرع منها ولأجلها لجان وأمانة، لهذا اسمحولي بسحب هذا الاقتراح.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.