الخيري والتجاري في الحج

كانت الشوارع نظيفة تماماً ليلة الوقفة في عرفات وماهي إلا ساعات حتى تغيرت الصورة تماماً، أكثر النفايات الملقاة في الشوارع تتكوّن من علب المياه والعصير الفارغة أو نصف الفارغة ومعها كراتين هذه العلب، طبقات من هذه النفايات فوق بعضها بعضاً، وهي أيضاً مصدر خطر على السلامة وأكثر الحجاج مشاة وفيهم كبار سن ومعاقون ومن يدفع للسير على كراسٍ متحركة.
ولتخفيف هذا العبء بأضراره المختلفة يجب البحث عن أهم مصادره، وفي تقديري أن أهم هذه المصادر هي السيارات المبرّدة التي تقف لتقديم هذه المياه والعصير للحجاج مجاناً، كعمل خيريّ وخدمة للحاج ومصدرها تبرعات أو أوقاف لفاعلي خير من أفراد أو جمعيات. العاملون على هذه السيارات والمشرفون عليها، أو لنقل بعض كثير منهم، لا يهتمون بالنظافة، ولا يسألون أنفسهم هل سيستفاد من هذه المواد الغذائية، يكاد البعض منهم يلزم الحاج الماشي بأخذ علبة أو علب ويدا الحاج مشغولتان بالكثير من الحاجيات التي يحملها، ويرمي بعضهم هذه المواد ليتلقفها حاج بعيد أو تسقط في الشارع، ويتطوّر الأمر لتتحول هذه العلب إلى أدوات رش ماء على الحجاج لتبريد الحرارة ثم ترمى.
الأمر نفسه يحدث في مناطق المشاعر المختلفة وحول الحرم المكي الشريف.
اختلاط الخيريّ بالتجاري يحدث مثل هذا التبذير والتهاون، أقل ما يقال عنه إنه انعدام مسؤولية، فالعمل الخيريّ إذا تم إيكاله للتجاريّ سيذهب باتجاه «التصريف» بأي وسيلة كانت وإعادة جلب المزيد. أرى أن التقنين والإشراف سيكونان عاملين مهمّين في التخفيف من النفايات في الحج، ويعطيان صورة أفضل للحاج القادم من الشرق والغرب، فماذا ننتظر منه وهو يرى العاملين على خدمته يتعاملون مع المواد الغذائية في هذه البقعة المقدسة بهذه الصورة العبثية؟

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.