أطفال الفضاء

في رسالة بعنوان “في بيتنا نيران صديقة” تكتب الدكتورة “لمياء شمت”، عن تأثير قنوات الأطفال الفضائية في أطفالنا، العنف وسيادة مبدأ القوة هو المخزون الذي يترسب في عقل الطفل من معظم ما تبثه تلك القنوات، وبحرقة مؤثرة تقول الدكتورة لمياء: “كأن بين تلك القنوات رهان مضمر على الحفر التخريبي في قاع عقل وروح أطفالنا. فهي تفتح فوهات العنف على أشدها… عنف طافح… جسدي ولفظي تؤكد معناه كائنات بشعة منفرة ومسوخ مقززة تجسد معاني القبح والأذى، برؤوسها المدببة ذات الزوائد المسننة، وأطرافها الافعوانية وأعينها الحارقة وأجسادها المدججة بكل مهلك فتاك. نعم سلعة العنف معروضة نهاراً جهاراً, ونحن في غفلتنا سادرين, عنف يغرس في نفوس أطفالنا بكل معناه المعجمي ودلالته النفسية وطاقته التعبيرية والحركية والأدائية واللغوية والصوتية تقريراً وإعلاناً وإيماء وإيحاء. عنف لزج وخيم يرهق أرواح أطفالنا وينتهب براءتهم ويدنس بياض عوالمهم الشفيفة ويفرغ في ذاكرتهم زحام من الضداد المتنافرة، ما ينمط معارفهم ويشحذ فيهم الكم الأكبر من السوالب والنواقص، بل ويرسخ بتراكم مقصود صوراً سالبة شائهة قوية الأثر شديدة التركيز حادة الملامح. ولا أتردد في أن أقول, على رغم أنف نظرية المؤامرة، إن الأمر يحركه ويغذيه مضمر أيديولوجي راسخ القدم واضح الأهداف والنوايا. ولكل من يظن أن في الأمر مبالغة أن ينفق ساعة يتيمة أمام تلفزيونه ليرى كيف يقوى خط العنف وتدعم حلقاته ويرسى تغلغله النافذ في وعي الأطفال”. أكتفي بهذا القدر من الرسالة الساخنة، لأضيف أن ما تصفه الكاتبة بالمؤامرة له أصل تجاري بحت يستند على فراغ إنتاجي إداري قيمي متأصل، يشبع جوعه بالنسخ والدبلجة، ويبحث عن الإعلان حتى لو كان عن سم الفئران! نتحدث عن الأطفال أكثر مما نفعل شيئاً لهم، وإذا بحثت عن منافذ هذه القنوات تجدها تنفذ إلى طفلك من خلال قمر اصطناعي تمتلكه دول لها سياسات معلنة لا تطبقها على تلك القنوات، وهي لم تأتي بجديد بل استنسخت أعمال قنوات أجنبية، إلا أنها لم تلتزم بما في تلك من إرشادات وتعليمات للأطفال حتى لا يقلدوا ما يشاهدوا، وعلى المستوى الأرضي تقوم جهات بعمل فعاليات للأطفال وأسرهم، يقام فيها بعض النشاطات مثل السيرك وألعاب القوة، وقبل أيام أقيم مثل هذا جوار “ممر الزهور” في الرياض وكان من الفعاليات ثني الحديد وتكسير الخرسانة، ولا يعلن لا قبل ولا بعد تحذيرات للأطفال من تقليد هذه الأعمال العنيفة والخطرة، على رغم أنهم أكثر المشاهدين عدداً وأسرع المقلدين، وتداعيات تقليد إعدام صدام حسين على الأطفال وموت بعضهم شنقاً أبلغ دليل.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.