الفشل في مواجهة الأزمات العاصفة يقود إلى الخسائر، أما الإصرار على تحميل ثمن الفشل على عاتق المجتمع ليدفعه بالنيابة فهو الموت البطيء.
شركة “سدافكو” أو الشركة السعودية لمنتجات الألبان والأغذية، واجهت أزمة عاصفة بعد مقاطعة المنتجات الدنماركية. ومن المتوقع أن تواجه الشركات أزمات. والمهارة الإدارية هي في حُسْن إدارة هذه الأزمات. مجلس إدارة “سدافكو” وإدارتها فشلا بامتياز في إدارة تلك الأزمة، فهما لم ينجحا في أسلوب التعاطي، ولا في التوقيت، إضافة إلى أنهما كانا غافيين فترة طويلة، والأزمة تكبر مثل كرة الثلج.
ما الذي فعلته الشركة؟ حاولت جاهدة إعلامياً أن تنفي التهمة بأن لها علاقات دنماركية، من خلال خطابات من جهات متعددة. وكانت خطوة متأخرة جداً ووحيدة، ثم لجأت إلى تسريح عدد كبير من الموظفين السعوديين بدعوى الخسائر الفادحة.
لا بد من العودة إلى الأرشيف. “سدافكو” شركة يمتلكها رجال أعمال كويتيون وسعوديون، وهي تنتج الحليب المصنع من بودرة الحليب منذ زمن بعيد، وأشهر منتجاتها اسمه “حليب السعودية”، ولأنها تعمل في مجال “الألبان”، حصل المؤسسون عند طرح جزء بسيط من أسمهما للاكتتاب على علاوة إصدار “كاملة الدسم”! هذه العلاوة قُدّمت من إدارة سوق المال السابقة، مثل “القشطة” المتماسكة التي تعلو سطح كأس اللبن، وجنى المؤسسون من تلك العلاوة أرباحاً ضخمة، وباع بعضهم في فترة ذروة الأسعار ثم عند الانخفاض تمت معاوده الشراء.
وعند أول أزمة تقوم هذه الشركة “ببيع” كثير من الموظفين الذين ينتمون إلى المجتمع الحاضن للشركة!
في حوار صحافي، في تلك الفترة، مع عضو مجلس الإدارة السابق أحمد المرزوقي في صحيفة “عكاظ” أعلن عن استيائه من إدارة الشركة، لأنها لم تتعاون معه لحل مشكلة تسريح الموظفين، ومواجهة أزمة الرسوم. وبدلاً من أن تنجح الشركة في التصدي لأزمة الرسوم الدنماركية قررت أن تواجه المجتمع الذي يحتضنها بالإصرار على تسريح السعوديين والإبقاء على غيرهم.
بالطبع لن يتحدث أحد عن أرباح المؤسسين المتضخمة من علاوة الإصدار التي دفعها لهم أبناء هذا المجتمع. ليقول: لماذا لم يتحملوا بعضاً من تلك الخسائر، من باب الوفاء والاستثمار طويل الأجل؟! هل القصة قديمة؟ نعم ولا. لأن صحيفة “الحياة” نشرت خبراً يشير إلى استمرار موقف مجلس الإدارة في مواجهة مجتمع هو سوق منتجاتها الوحيد، فاسمها الشركة “السعودية”؟ وأشهر منتجاتها حليب “السعودية”، وتحرص على طرد السعوديين، هذا من عقوق الشركات! ليس لي سوى أن أبارك للجهات الرسمية السعودية التي منحت لهم علاوة إصدار كاملة الدسم، وأقول: “هذا خبزك يا…”! المشكلة التي تؤرقني هي أن هذا النوع من الخبز “سوقه قايمة”. وكل علاوة إصدار وأنتم بخير.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط