اضحك مع الأطباء

“على” الأطباء لا يضحك سوى أصحاب المجمعات الطبية والمستشفيات، أما أنت وأنا فليس لنا إلا أن نضحك “مِنْ” أو “مع” الأطباء، هذا الضحك إن حصل فهو من قبيل الدفاع عن النفس، لأنهم يضحكون علينا صباح مساء، وهو إن حصل ممزوج بصاع من المرارة فهم  يتعاملون مع الصحة والأجساد، لذلك لا بد أن نتجاوز قليلاً عندما أشير إلى بعض القصص الطبية الدامية التي تنتهي عادة “بتشكيل” لجنة لا يعرف “لونها”.
في بداية الحرب الصهيونية على لبنان، استضافت قناة لبنانية طبيباً نفسياً، جاءه اتصال من امرأة لبنانية وهي في حال انهيار، كان لديها سؤال واحد عن التزام الأطباء بمواعيدهم ونصائحهم التي يسوقونها للناس، هي تراجع لدى طبيب نفسي هناك، من تعليماته أن من يريد إلغاء موعده عليه أن يتصل قبل يوم كامل، ومعلوم علاقة المريض بطبيبه النفسي وارتباطه المستمر معه، لكن حظ المسكينة العاثر جعل موعدها في ثاني أيام العدوان، ذهبت للعيادة فوجدت الطبيب سافر مع أسرته إلى الخارج من دون أن يتصل بأحد من مرضاه! كأنه يقول “يا روح ما بعدك روح.. أروح أحسن”.
في الرياض ذهب صديقي لعلاج ابنته في مستشفى خاص، عندما دخل عيادة طبيبة الأطفال توقع أنه أخطأ، يقول.. العيادة أشبه بعيادات التجميل، ولفت انتباهه أن المجلات النسائية احتلت سطح المكتب، وعندما جاءت الطبيبة تكتب الوصفة الطبية استنجدت بالجوال، كانت الوصفة محفوظة في داخله تعود لها، سعادتها، عند الحاجة!!
صديق آخر أصيب بالدهشة لأن الاستشارية الشهيرة إعلامياً في أحد التخصصات الطبية تبيع العينات الطبية للمرضى! للحق بالأسعار نفسها، لا أعرف هل تأخذ أجرة المشوار إلى الصيدلية أم لا؟ وعلى رغم أن رسوم الدخول إليها مبالغ فيها، إلا أن حكمتها الشهيرة “البلاش ربحه بين”، هذه “العينات” التي تصل إلى درجة بيع عينات الأدوية للمرضى، ماذا يمكن أن تبيع أيضاً؟
قلت لطبيب الأسنان: ألا ترى أنكم تؤلمون الناس و “تحوسون” في أفواههم، ومع ذلك يدفعون لكم الأموال؟ قال.. بل يستجدون لطلب موعد آخر!
أما ما يصيبك بالغضب والقهر فهو ما حدث للطفلة المرحومة سارة في المنطقة الشرقية، آخر “إنجازات” الأطباء مع أطفالنا، وهي قصة تصلح موضوعاً لفيلم وثائقي عن الوضع الصحي المتردي في السعودية.
 “كوكبة” من الأطباء شاركوا فيه، أما البطل الرئيس فهو طبيب حشر أنبوب تنفس بمقاس أكبر من أن تتحمله القصبة الهوائية للطفلة، توفيت سارة بعد معاناة وأحداث مؤلمة. في القصة ابتسامة صفراء، يستدعيها تصريح المصدر في صحة “الشرقية”.. قال: “إن قضايا الأخطاء الطبية تعامل بدقة عالية واهتمام كبير من الإدارة”!.. “تكفون”.. أرجوكم “بلاش” دقة عالية واهتمام كبير، المريض أصبح لدى بعض الأطباء “بأخو البلاش”! وهم لا يقولون سوى “هات اللي بعده..!”.. أما دقة عالية فهي “دقة” قديمة.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.