الحقيقة الميدانية تقول إن إدارة المرور في الرياض تتعامل مع واقع مر، وهو واقع اكتظاظ الشوارع، والزيادة المتسارعة لعدد المركبات، مع ندرة المواقف. مدينة مشبعة بالدكاكين وبنايات ضخمة من دون مواقف مناسبة أو اهتمام يذكر بها. مدينة تصر كثير من الجهات الرسمية من وزارات ومؤسسات على بناء مراكزها الرئيسية أو إعادة بنائها في المواقع المزدحمة أصلاً، لسبب غير معروف؟ كأن المسؤولين الذين قرروا ذلك يحضرون لأعمالهم بواسطة طائرات الهليكوبتر! زيادة على هذا عدم توافر نقل عام، لهذه الأسباب فإن معظم السيارات المتحركة في شوارع العاصمة تحمل راكباً واحداً. إدارة المرور ليست هي سبب هذا، هي مسؤولة عن الحركة والالتزام بالنظام المروري، ومطلوب من أفرادها، مثل كل جهة، حسن التعامل مع البشر وعدم المساس بكرامتهم عند تطبيق النظام، إلا أنها تتعامل مع الواقع وهو واقع صعب كما أسلفت، ومن هنا بدأتُ بتساؤلات عن مشروع النقل العام، الرياض أصبحت مدناً متلاصقة، قد يكون هذا الوصف مدعاة للفخر لدى البعض، لكني لا أراه كذلك مع استمرار هذه الأوضاع، هي في الحقيقة بحاجة إلى مشاريع للنقل العام لا مشروع واحد، والتأخير ثمنه كبير، وإذا كان السبب الكلفة المالية فهي مع مرور الوقت ستتضاعف. إن الانتظار وعدم مواجهة هذا الواقع بسرعة مدعاة للقلق، والقضية تتجاوز إدارة المرور إلى جهات أخرى، منها هيئة تطوير مدينة الرياض وأمانتها من جهة، ووزارة المال من جهة أخرى، ويفترض أن الخطط تسبق الحاجات، بل وتتوقعها قبل فترة مناسبة، لكن الواقع لدينا في شؤون كثيرة عكس ذلك.
دخلت برفقة مدير مرور الرياض إلى مقر إيقاف أو سجن المخالفين في الناصرية، ووجدت مكاناً نظيفاً ومعقولاً، يتناسب أو يزيد على حاجة الموجودين في تلك اللحظة، واسترعى انتباهي اللوحة الكبيرة على بوابة الإيقاف، “القيادة فن وذوق وأخلاق”، وأتمنى أن نشطب “الفن” من القيادة، لأن الكثير من السائقين يرون “فن القيادة” في قطع الطريق على الآخرين والسرعة والتجاوز الخطِر، لا علاقة لقيادة السيارة بالفن، السائق الفنان بحسب الصورة الشعبية هو غالباً “مفحط مهووس بالتجديع”، وسألت العقيد المقبل عن حقيقة مطالبة المرور لأفراده بسرعة إنهاء دفتر المخالفات، فنفى ذلك بشدة، أخبرني أن في الدفتر الواحد 25 مخالفة، ومتوسط وقت إنجازها أسبوعان أو أكثر، وطالعت سجلاً للدفاتر وتواريخ تسلمها وتسليمها، فإذا قال لك رجل مرور بأنه مطالب بالانتهاء من الدفتر في يوم أو عشرة أيام فلا تصدقه، ومطلوب من لجنة الفصل في المنازعات المرورية سرعة إنجاز أعمالها، ومراعاة ظروف الناس، واكتشفت أن لرجال المرور جهوداً يُشكرون عليها في ملاحقة اللصوص والقبض عليهم. وما زلت عند اقتراحي بإقامة أسابيع توعية إعلامية لرجال المرور وشركات المقاولات، لأن سائق المركبة “عود من عرض حزمة كبيرة” والمشكلة أنه العود الوحيد الذي يحشر رأسه في “البراية”.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط