فيضان “نهر السند”

الحمد لله تعالى الذي عزز الاهتمام الإعلامي بقضية “تجارة” هروب الخادمات والعمالة، بعد فترة طويلة من الصمت والسكون، وكنت قبل فترة أطول أركّز في ما أكتب على هذه القضية وتداعياتها، الآن هناك شبه اهتمام رسمي! واهتمام “شبة رسمي” أيضاً. من المهم التأكيد.. هنا على المسؤولية وحدودها  في حالات الهروب والحقوق الضائعة ومن يضمنها، لتأتي فكرة احد الإخوة القراء الذي طالب بالتأمين، بحيث يدفع المكتب المستقدم سواء داخل السعودية أم في البلد المصدّر للعمالة مبلغاً للتأمين يضمن جدية قدوم العامل للعمل، يُرْجَع إلى هذا التأمين عندما يثبت حق المواطن الضائع الآن، وما زلت أؤكد على خطورة حصر امتياز الاستقدام في شركة واحدة أو اثنتين أو حتى عشر، مع حق طبيعي لمن أراد إنشاء شركة أن يقوم بذلك، أما الامتياز الحصري فلا يصح، لأن فيه غبناً للمواطنين واحتكاراً لا مبرر له في عصر الانفتاح. وألاحظ أن وزارة العمل لا تتطرق لهذه القضية الحيوية، بل تتحدث عن رواتب العمالة الإندونيسية وحق بلادها في رفعها. وماذا عنا ومشكلاتنا مع العمالة أيتها الوزارة الموقرة؟ وحقوقنا مع مكاتب الاستقدام المحلية؟ لماذا لا يظهر تعليق رسمي ولو واحد على هذه القضايا الجوهرية؟!
ومن مسؤوليات مكاتب الاستقدام جلب عمالة لها سوابق جنائية، وهي فعلت بالبلاد والعباد ما هو معلوم ومنشور، فأين وزارتنا الموقرة من هذه المسألة الأمنية الاجتماعية، ولماذا لا تأتي التعليقات الرسمية إلا صدى لمطالبات مكاتب الاستقدام.. فقط؟ ماذا عن أفراد الشعب ومطالباتهم وحقوقهم؟ أم أن أصوات مكاتب الاستقدام أعلى وأهم؟!
الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه. فمن المصائب ما يكشف الخفايا، وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم، قلت هذا عندما قرأت خبراً عن نجاة 1200 خادمة في مركز إيواء الخادمات، بعد حريق “محدود” شبَّ في مقر سكنهن في شارع “نهر السند”! في الرياض. فكان أن فاض الشارع بالخادمات، 1200 خادمة في مركز الإيواء رقم كبير، هو يعني 1200 كفيلاً وأسرة تقريباً، ولأن حجم الفيضان كبير، فهل تتكرم علينا وزارة العمل “بحكم أنهن عاملات ومكفولات”، أو تتلطف علينا وزارة الشؤون الاجتماعية بحكم المرجعية ونُخْبَرُ بالتفصيل عن حقيقة أوضاعهن، وهل هن ظالمات أم مظلومات، وإلى أين يذهبن، ومسؤوليات المكاتب التي استقدمن بواسطتها؟
طالبتُ الوزارات، لأن مركز الإيواء لن يرد جرياً على عادته، وأقول لأصحاب المعالي الوزراء: ألسنا في عصر الشفافية؟ “عطونا العلم” عن فيضان “نهر السند”.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.