حتى لا يذهب القارئ بعيداً ليفكر في أعضاء هنا وهناك، أسرع بالقول إن المقصود هو الأعضاء البشرية المتخلفة من جراحات نتيجة لحال مرضية، بسببها قرر الأطباء استئصال ذلك العضو وإرساله أو جزء منه للتحليل في المختبرات.
لعلك – عزيزي القارئ – تتوقع أن هناك نظاماً صارماً للتعامل مع هذه الأعضاء ومخلفاتها، بحيث يعرف مصدرها وأسباب استئصالها بوثائق واضحة، يظهر فيها اسم الطبيب الذي قرر، والمستشفى الذي تمت فيه الجراحة إلخ… ومن ثم تتولى الجهة المختصة من خلال لجنة معتبرة التعامل المناسب معها، كنت مثلك – عزيزي القارئ – أتوقع مثل ذاك، إلى أن علمت عن ثغرات عجيبة خطرة في التعامل مع تلك الأعضاء. سألت هنا وهناك، فكانت النتيجة كالآتي:
تقوم المستشفيات الحكومية بما يجب عليها في التعامل مع مخلفات الجراحات الطبية وفق آلية معينة. لكن الأمر يختلف في القطاع الطبي الخاص. هل تصدق – عزيزي القارئ – أن أي مختبر “خاص” للتحليل الطبي وما في حكمه، يستطيع بخطاب عادي مرفقة به قائمة الأعضاء البشرية المتوافرة لديه، يقدمه إلى أمانات البلديات، طالباً الإذن بدفنها في المقابر، ويتم ذلك بكل بساطة! والشهادة لله انه “تتم مطابقة القائمة المطبوعة بالأعضاء المرغوب في دفنها، لكن من دون أية وثائق تشير إلى أصل هذه الأعضاء ولمن كانت؟ ومن أجرى الجراحة؟ وفي أي مستشفى؟! وأمامي قائمة من هذا النوع فيها من الأعضاء البشرية، (أثداء، أرحام، مشيمة… وحتى معدة!). الحقيقة أنه لا تتوافر فيها أيد او أرجل! والغائب عن هذا كله، هي وزارة الصحة، وقد يقول قائل إن وزارتنا الموقّرة لم تنجح في توفير الخدمات للأحياء بالصورة المناسبة فكيف بأعضاء بشرية.. تالفة! إلا أنني لن التفت لقول مثل هذا، ليقين لديَّ بأن مسألة الاهتمام واحدة، ولها أصل واحد، وأن هذا النقص من ذاك.
إذا كان هنا من يخاف الله تعالى فيتقدم بخطاب رسمي للدفن، جرياً على العادة “النظامية”! فماذا عن جهاتٍ كُثْر، الله تعالى أعلم بدواخلها، ونحن نعلم أحوال البلاد والعباد، ونعلم العلم الأكيد، أحوال الرقابة على القطاع الطبي الخاص “المخرومة”.
الأعضاء البشرية لها حرمة، كما تمكن المتاجرة بها، وبعضها يمكن استخدامه لأغراض لا تخفى على المتخصصين، فيا إخوتنا في وزارة الصحة الموقّرة هل ألهتكم مراكز الرعاية الأولية، التي تحيل المرضى إلى المستشفيات العامة، التي تحولهم بدورها إلى المستشفيات المتخصصة، التي تحيلهم إلى خدمة الانتظار لعدم وجود سرير… عن هذا الموضوع الخطر؟
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط