“خطأ طبي = أمر عادي جداً”

يحدث هذا في السعودية، وهو أمر عادي جداً لدى وزارة الصحة لا عند الناس، وحاول ويحاول الكتاب أن ينبهوا للأمر منذ زمن بعيد وارتفعت أصواتهم من دون صدى رسمي يتناسب مع هذه الأخطاء الفادحة لإيقافها عند حدها وإيقاف من يرتكبها ومن وظفه، بل كانت الردود الرسمية المخاتلة تعود إلى إحصاءات تحت إبطها، لتقول ان نسبة الأخطاء الطبية في السعودية اقل منها في بلاد الواق الواق، لكنك لم تقرأ خبراً واحداً فيه اسم طبيب اقترف خطأ طبياً ونال جزاءه، أو مستشفى عوقب بسبب أخطاء العاملين فيه.
الأسبوع الماضي نشرت أكثر من صحيفة محلية خبراً مؤلماً عن وفاة طفلة صغيرة في مستوصف خاص، اشتكت الطفلة “سمية” من خراج في الفك فأخذتها والدتها إلى المستوصف القريب لمنزلهم في شمال الرياض، والشمال في الخدمات يعتبر أفضل من غيره وله أسعاره! لجريدة الاقتصادية قال عم الطفلة ان اختصاصي الجراحة العامة بالمستوصف الأهلي، حقن ورم الطفلة بإبرتي مخدر، من دون كشف أو تحليل، يظهر انه تعود على ذلك! ثم استأصل الورم فصار دم الطفلة يقطر على وجهها ويتطاير على ملابس الطبيب الهمام، والطفلة ترتعش ليخبر الطبيب والدتها أن وضعها طبيعي! وعندما رأى أن حالتها تزداد سوءاً استغل ارتباك الأم وجعلها توقع على أوراق تخلي المسؤولية، فالأوراق هي الأهم! نقلت الطفلة الجميلة سمية إلى مستشفى الملك فيصل التخصصي وتوفيت في الطريق، ونقلاً عن عم الطفلة فإن مستشفى الملك فيصل عندما وصلته الطفلة متوفاة لم يُشعر الجهات الأمنية ولم يحقق في الأمر، فهو مشغول بأمور أهم!
أستطيع أن أؤكد أنه لن يحدث شيء “يبرد الكبد”، وإذا حدث فهو تصريح عن تشكيل لجنة تحقيق سيتم نسيان أمرها بعد أسابيع، والواجب المهني على الصحافيين، إبراهيم المزروع من الرياض، وفهد الغيثي من الاقتصادية أن يتابعا قضية موت سمية حتى النهاية، أحسن الله تعالى لولدتها المسكينة، وهو تعالى من سيحاسب العاملين في الوزارة والمستوصف والطبيب.
أريد أن أسال، هل نحمل في صدورنا قلوباً تختلف عن قلوب أصحاب القرار في وزارة الصحة؟ هل لدينا غدد إحساس تختلف عن غدد أحساس أصحاب القرار في وزارة الصحة؟! لماذا تحترق قلوبنا لمثل هذه القضايا الإنسانية ويتعامل معها ببرود رسمي مخجل؟ وأسألهم كيف يهنأ لهم النوم والزاد؟ فهل نحن مرضى مثلاً؟ إذا كان تشخيص الوزارة لنا كذلك فعليها أن توفر لنا إبراً مثل إبرة الطبيب الذي خرج بكفالة! فتريح وترتاح حيث ان النفوس قد فاضت.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.