الانتصار محل السؤال هو انتصارها على نفسها، لنقل على بعضها أو هو الجزء الخارجي منها، باعتبار أن لدى الولايات المتحدة أموراً ايجابية داخلية كثيرة، لم تكن في أولوية قائمة التصدير سوى الشعارات منها.
في قضية شركة المرتزقة “بلاك ووتر”، وقتل بعض عناصرها أطفالاً ونساءً ورجالاً عراقيين، في حادثة شهيرة غطتها مختلف وسائل الإعلام، وتم الاهتمام بها في الداخل الأميركي، فُتح ملف تجنيد المرتزقة من كل الجنسيات العنصرية، ووضعهم في واجهة الاحتلال. حصل المتهمون على الحصانة. القاتل أصبح في موقع حصين داخل أسوار امبراطورية الديموقراطية وحقوق الإنسان، تلاشت أصوات شركائها السياسيين في العراق على ضعفهم، ومع كثير من الدعم السياسي لهم. ألغوا الحصانة هنا فأقيمت هناك، والسيد مطاع. يلاحظ المراقب أن الدعم السياسي والعسكري غير المحدود الذي تقدمه بعزم وكرم حكومة بوش لحكومة المالكي منحصر في مواجهة العراقيين، وعندما يخسر المالكي ماء الوجه في قضايا كثيرة، أحدثها قضية مرتزقة “بلاك ووتر”، يرفع عنه غطاء الدعم الأميركي، فيحصل المتهمون على حصانة رسمية.
خلال الأيام القليلة المقبلة، إن شاءت آلة الإعلام الأميركية، سيُدخلُنا الإعلام هناك في متاهة جدل قانوني بين الدفاع والخارجية، هذه المقدمات الجسية الأميركية ليست جديدة، المهم أن القاتل تمت حمايته بالحصانة، من هنا أصبحت رؤوس الجنود الأميركان في العراق متساوية مع رؤوس عناصر مرتزقة “بلاك ووتر” بالحصانة. مشكلة وزارة الدفاع الاميركية التي زرعها رامسفيلد، ويباشرها بالعناية خلفه، أن المرتزقة جاؤوا للقيام بالأعمال القذرة، وعندما عمت الفضيحة الدموية كان لا بد من سترها بالحصانة، النتيجة التي تتبين – مثل خيوط الشمس للمستهدفين بالإقناع سواء من قنوات الاعلام الموجهة، أو من سفراء حسن النيات وتحسين الصورة – أن القانون الذي تتعامل به السياسة الخارجية الأميركية يقول في مادته الاولى، إنه إذا كان المقتول غير اميركي والقاتل أميركياً، يحصل الأخير على حصانة بصرف النظر عن أية أمور أخرى، وذروة النتيجة التي وصلت إلينا تقول إن كل اميركي – جندياً كان او مرتزقاً عمل لمصلحة شركة أميركية – مصرح له بالقتل، وإن كل واحد منا مرشح لأن يكون الضحية.
الكابوس الذي لا نهاية له بحسب قول قائد أميركي متقاعد، هو كابوس مزدوج ، له وجهان. كابوس يعاني منه “الجنود” الأميركيون لا حكومتهم في العراق. والوجه الآخر هو كابوس أميركي يجثم على صدور أبناء المنطقة. أميركا خسرت في العراق حتى لو سيطرت على منابع النفط. و “بلاك ووتر” أسهمت مع غيرها في كشف الغطاء لتخسر أميركا علناً انسانيتها المزعومة أمام العالم كله.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط