استنساخ تجربة ثرية

عُرفت شركة أرامكو السعودية بحسن الأداء، إذ تمتلك تجربة إدارية ثرية وفدت إلى البلاد وتم توطينها حتى ترسخت، هذه التجربة هي نتاج بيئة إدارية صارمة تقوم على أساس الانتاجية مع وضوح في الأهداف والاستراتيجية، لا شك أن لدى شركة أرامكو مشكلاتها، ربما لدى بعض موظفيها ملاحظات على إدارتها، إلا أن الصورة ايجابية عنها في المجتمع السعودي، هذه حقيقة، حتى في الإنشاءات البعيدة عن تخصص استخراج النفط، على سبيل المثال، المدرسة التي تشيدها أرامكو تختلف عن تلك المدرسة التي بنتها وزارة التعليم، من حيث الجودة والعمر الافتراضي، لعل هذا يذكرنا بمدرسة جديدة سقط بابها على احد التلاميذ الصغار قبل فترة، وأخرى ظهرت الشقوق في جدرانها قبل تسليمها، ربما سلمت لاحقاً مع شيء من المعجون، يمكن إضافة إخفاقات هندسية إنشائية حدثت في طرق وجسور وأنفاق، ولك أن تضع أيضاً في القائمة، الأحياء التي شيدتها أرامكو في المنطقة الشرقية، هي أيضاً مختلفة جذرياً عن غيرها ممن أشرفت عليها البلديات والأمانات، احد أحياء مدينة الخبر لا ترى فيه طفحاً للمجاري أو تجمعات لمياه الأمطار، حتى المقاول الذي يتعامل مع هذه الشركة ويكون معتمداً عليها يصبح مقاولاً مختلفاً ومعه المصنع الخ… أرجو ألا “يكبر رأس” القائمين على إدارة شركة أرامكو علينا، اقصد على مجتمعهم وبلادهم مع فيض المديح المستحق.
قبل اشهر وبدعوة كريمة من شركة أرامكو مع صحبة من الزملاء ذهبنا لزيارة عدد من مرافق الشركة في المنطقة الشرقية، وكان التتويج زيارة لحقل شيبه بالربع الخالي، وخلال لقاءات مع عدد من كبار المسؤولين في الشركة كان السؤال الذي أكرره لماذا لا تُستنسخ التجربة؟ لماذا لا تفيض هذه التجربة الإدارية والانضباط ووضوح الرؤية مع وحدة الهدف والبناء التراكمي على ما تم بناؤه سابقاً إلى خارج مجتمع أرامكو الصغير، ليستفيد مجتمعها الكبير الذي يشكو إدارياً؟! كانت الإجابة العاجلة أن أرامكو شركة متخصصة في قطاع محدد، وهو أمر لا خلاف عليه، لن يرضى احد بأن تغرق أرامكو في شؤون أخرى بعيدة عن اختصاصها أو ربما تؤثر سلباً على تجربتها، لكنها قد تتمكن من استنساخ المفاصل المهمة في تجربتها الإدارية وتقدمها للجهات الحكومية، اعلم ان عدداً من كبار المسؤولين التنفيذيين في الحكومة اطلعوا على تجربة أرامكو ويزورونها بين فينة وأخرى، لكننا لم نرَ نقلاً حقيقياً للتجربة الإدارية الثرية، هنا اعتقد ان الكرة في ملعب الجهات المعنية بالتخطيط والإشراف الحكومي ومعرفة مدى تحقيق الأهداف، للاستفادة من تجربة ثبت نجاحها وهي في متناول اليد.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.