شفافية في الاستخبارات

ليس من عادة رؤساء الاستخبارات عقد مؤتمرات صحافية أو حتى الظهور، كما أنه ليس من عادتهم الشفافية والتبسط مع الإعلاميين، الأمير مقرن بن عبدالعزيز رئيس الاستخبارات السعودية كسر تلك القواعد في مؤتمر صحافي في الرياض ظهر السبت الماضي، كان الغرض الأول منه تسليط الضوء على أغراض “مؤتمر تقنية المعلومات والأمن الوطني” الذي سيعقد برعاية خادم الحرمين الشريفين من 1-4 كانون الأول (ديسمبر) 2007.
 رئيس الاستخبارات السعودية تجاوب مع أسئلة الصحافيين التي تعدت الغرض الأول، فأخذهم يميناً ويساراً ليعيدهم في كل مرة إلى أغراض عقد مؤتمر لتقنية المعلومات بإدارة الاستخبارات وبين السطور حديث عن دورها وما تتوقعه من المواطنين.
تمنيت أن تنتقل عدوى شفافية الأمير مقرن بن عبدالعزيز إلى بعض المسؤولين ومع تلك العدوى الإيجابية احترامه للإعلاميين وردوده الواضحة على أسئلة طُرِحت، فما يخص جهاز الاستخبارات يجيب عليه وخلافه يحيله إلى جهة الاختصاص، لذلك أشار غير مرة إلى الحاضر “قدوة” المتحدثين الرسميين اللواء منصور التركي المتحدث الرسمي لوزارة الداخلية، مؤكداً – في كل مرة – أن الداخلية والاستخبارات، عينان في رأس واحدة لها هدف واحد هو الأمن الوطني.
 ومن طَرْح الأمير مقرن أيقنت أنه يريد “تجنيد” الإعلام، ويظهر لي أنه نجح في تحقيق هدفه، ساعده في تعميق هذا النجاح شخصيته المحببة التي انطلقت في تأكيد رؤيته تجاه دور الإعلام والإعلاميين في كشف أوجه القصور والتنبيه إليها، إذا كانت هذه رؤية الاستخبارات فياليت بعض أحبائنا في أجهزة خدمية لها مساس مباشر بالمواطن يتفهمون حقيقة دور الإعلام. الإعلامي الحقيقي لا يريد سوى الأفضل “لهم ولنا” أقصد لمصلحة المجتمع وليس لنتيجة لعبة “بلوت”، ليتهم يتفهمون، فليس هناك أمر شخصي في ما يطرح أو مصلحة شخصية ضيقة، بل إن نجاحهم في القيام بواجباتهم هو نجاح لنا جميعاً.
الحقيقة أنني أغبط رجال الاستخبارات على رئيسهم، لما سبق ولغيره مضافاً إليه أن الأمير مقرن أوجز في كلمته مبتعداً عن الإطالة فترك الجزء الأكبر من وقته لأسئلة الحضور، فالله تعالى نسأل أن يوفقه ورجاله، لمصلحة هذه البلاد أمنا ورخاء.
من أهداف المؤتمر الذي جاء سلساً منظماً، التوعية بالمخاطر الجديدة التي فرضها التطور السريع في وسائل الاتصال والتأثير، على رأسها تتربع “الإنترنت”، ورؤية الأمير مقرن بن عبدالعزيز ليست من مدرسة الحجب، بل من مدرسة التوعية للأسرة والمجتمع، ويمكن تلخيصها في: “انتبهوا لأبنائكم… ولمعلوماتكم تعزيزاً للأمن الشامل”. من هنا تأتي المناعة والتحصين، أيضاً تقول لك “الاستخبارات” أنت لست بعيداً عنا… لكن”لا تفهم غلط”، فهي قد وفّرت موقعاً للمؤتمر وبوابة على شبكة الإنترنت للتواصل معها.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.