«الله يهديك يا حزام»

الزميل حزام العتيبي كتب مقالاً في صحيفة «الرياض»، سرد فيه بإيجاز غير مخل ومرارة مترعة، أحداث سوق الأسهم السعودي القديمة والجديدة الطازجة، ووضع النتيجة عنواناً: «ما يحدث في سوق الأسهم نتيجة للصمت عن كارثة فبراير».
المقال أزعجني ونغص عليّ «لواهيب» حرارة الصيف الجافة، لأنه ذكرني قسراً بأمور أحاول تناسيها، منها التصريح الشهير الذي سيذكر في كتب التاريخ لمحافظ مؤسسة النقد السعودي قبل سقوط السوق بأسابيع قليلة، إذ ذكر للزميل حزام شخصياً رداً على سؤال عن التخوف من انهيار السوق قوله إن لديهم – في مؤسسة النقد – تحوطات لذلك.
بعد هذه السنوات يمكن معرفة كُنه وشكل ولون وطعم وأثر هذه التحوطات، وهي عدم فعل أي شيء للمجتمع والاقتصاد، إما لعدم معرفة أو عدم رغبة، كأن التحوط ذاك كان ضد الصغار «الدقرش». يلاحظ أن المؤسسة لا تهتم كثيراً بفئة الهللات من العرض النقدي؟
لماذا تقليب المواجع يا حزام، ألا تعرف أنك استدعيت للذاكرة تصريحات أخرى مشابهة مثل «لا داعي للقلق من التضخم» ومثل «لدينا خطط لمواجهة الغلاء والتضخم ستقدم خلال أسبوع». يمكن اعتباره أطول أسبوع في التاريخ.
أيضاً نبهتني إلى تصريح لوزارة التخطيط والاقتصاد مؤخراً ومتأخراً، حمَّلت فيه مسؤولية التضخم لمؤسسة النقد.
لم يكتف الزميل حزام بذلك، بل ختم مقالته قائلاً: «في اعتقادي أن الوقت قد حان الآن لإصرار الجميع على معرفة تفاصيل ما حدث وتقديم العابثين باقتصاد الوطن للمحاكمة طال الزمن أو قصر».
إذا أردنا إصلاحاً اقتصادياً حقيقياً من المهم أن نرى نتيجة لتلك المطالبة المشروعة والمطلوبة، من دون «طال الزمان أو قصر». ألسنا نسعى لأن نكون من الدول المتقدمة؟ ألا نقارن بلادنا دائماً بدول الصفوف الأولى؟ العفو… أعتذر، الحقيقة أن المقارنة غالباً تكون بالسلبيات، مثلاً، عندما يطرح موضوع الأخطاء الطبية يقال إنها تحدث في أرقى دول العالم، وعندما يُشتكى من الجرائم والسرقات يُشار إلى أنها تحدث في دول متقدمة، وعندما يحدث انهيار سوق الأسهم قيل تصريحات مشابهة لما سبق، أن الاقتصاد حر والدولة لا تتدخل. حسناً انظروا إلى زعيمة الاقتصاد الحر ماذا فعلت قبل أيام؟
لماذا لا نأخذ كل ما لدى الدول المتقدمة من سلبيات وإيجابيات وعلى رأسها المساءلة والمحاسبة. كنت سأكتب عن «الطواقي وأثرها في رفع درجة الحرارة»، لكن مقال الزميل العزيز حزام العتيبي… «طير طاقيتي» فحضرت الذاكرة.