حقوق الكل

طالبت جمعية حقوق الإنسان السعودية بتطوير لنظام الكفالة، واقترحت أن تكون الدولة هي من يكفل العامل والعاملة، وأيدت هذا الطلب وما زالت، لأن الخيار الآخر، أي وضعه بيد شركات ومؤسسات كما ذكر عن وزارة العمل، لن يحقق المطلوب… تقوم شركات الآن بمثل هذا عن طريق تأجير العمالة، وأكبر الكفلاء هم شركات ومؤسسات، وهناك قضايا معلقة بينها وبين بعض العاملين لديها.
الجمعية قالت إنها أعدت دراسة استغرقت سنوات خلصت فيها لتجاوزات وأخطاء بحق المكفولين، وفي هذا الكثير من الصحة. بين فترة وأخرى تصلني رسائل عن مكفولين قالوا إنهم يعانون من أصحاب العمل. إنهم في الغالب ليسوا أفراداً، بل شركات أو مؤسسات. لاحظت أن عدداً لافتاً من أصحاب القضايا يعملون في القطاع الخاص الطبي.
ولأننا عشنا ونعيش التجربة في العلاقة بين المكفول والكفيل، أعلم أن الغالبية من العاملين في السعودية علاقتهم مُرْضِية أو جيدة في العموم مع من وفَّر لهم العمل. هناك استثناءات هنا وهناك من الجانبين. لكن، في العمالة المنزلية «الطاسة ضائعة»، فلا حقوق بيِّنة للكفيل في مقابل الهروب والسرقة، بما يعني ذلك من خسائر مادية ومعنوية، إضافة إلى الاعتداءات والتجاوزات التي تطال أفراداً من الأسرة أو استغلال المنزل وما في حكمه لأعمال غير مشروعة.
من أسباب ذلك تسلم مكاتب الاستقدام، من خلال لجنة الاستقدام، هذا الملف. الوزارة غائبة عن فعل تطويري لمثل هذه العلاقة بما يكفل العدل بين الطرفين. أصبحت اللجنة طرفاً مع الوزارة، في حين غاب الكفيل.
هل تتذكر عزيزي القارئ كفيلاً تم تعويضه؟ أو مكتب استقدام جرى إلزامه بالتعويض؟
مثلاً… جريمة الخادمات الفيليبينيات اللاتي قمن بتعذيب وإهانة وسرقة فتاة معاقة، صدر فيها حكم ابتدائي بالسجن، هل سيتم تعويض الفتاة ووالدتها؟ ومن سيدفع التعويض؟ وهو ما يطرح سؤالاً يقول: لماذا لا تُبحث كفالة الحكومات لعمالتها وهي الحريصة على تصديرها وحفظ حقوقها؟
أيضاً، من أسباب استمرار مشكلات العمالة لدينا عموماً طول فترات التقاضي وتأخرها المنهك لصاحب الحق. أيضاً، تشعبها بين لجان الوزارة وجهات حكومية أخرى. والمسألة ليست بحاجة إلى قرارات جديدة بقدر ما هي بحاجة إلى تطوير اللجان، ووضع سقف زمني لإنجاز القضايا المعلقة، لأن أحد الطرفين يخسر من التأخير، فيما يتمشى الطرف الآخر سائحاً أو يعمل بحرية في موقع آخر.
جمعية حقوق الإنسان فتحت الملف ورفعت صوتها مطالبة، وهي هنا أغفلت جانباً مهماً من الواجب عليها تداركه. الاقتراح أن تقوم الجمعية بفتح أبوابها لشكاوى الكفلاء، لتبحث عن الحقوق المهدرة للكفيل وأسبابها.
ضم هذه النتائج مع ما سبقها سيحدد الصورة النهائية ويبيِّن الثغرات، نحو تصحيح العلاقة وحفظ حقوق كل الأطراف.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.