عطر الناموس

“البحث في القاموس لمحاربة الناموس” هذا هو عنوان رسالة الماجستير التي ينوي القارئ أبو غادة العمل عليها، سبب هذا الاتجاه معاناته هو وأطفاله من الناموس، يتجول الناموس براحة بال في درجة حرارة تقارب الخمسين، وإذا ما اجتهد القارئ الكريم فإن رسالة الماجستير ستحقق فوائد كثيرة، والسبب أن هذا البحث ناتج من معاناة، وليس بهدف الترقية الوظيفية أو التصدر الاجتماعي بحثاً عن كرسي هنا أو هناك، وأنصحه بالبحث في جدران منزله، فقد يكون وضع لوحة فيها بيت الشعر الشهير”يا ضيفنا لو زرتنا لوجدتنا نحن الضيوف وأنت رب المنزل”، والناموس يقرأ جيداً وبلغات عدة، وإذا وجد مثل بيت الشعر هذا فإنه لن يكذب خبراً، والعجيب أن حرارة الشمس في الرياض تبخر سوائل الدماغ، ولا أعلم كيف يستمر هذا الناموس في العيش، هل هي المسابح أو طفح المجاري، ولعل بعضكم يذكر سيارة “الفليت” حينما كانت تختال في شوارع المدينة الصغيرة، وكان الأطفال يلاحقونها معتقدين أن المنبعث ضباب، أصبح من النادر أن ترى مثل سيارات المكافحة تلك، والأطفال بعد زياراتهم إلى لندن شموا رائحة الضباب الحقيقي، ويلفت انتباهك في الناموس أو البعوض إصراره، لديه إصرار عجيب على الوصول إلى الهدف، يذكرك ببعض سائقي السيارات لدينا، عندما يحشر أحدهم مقدمة سيارته في أضيق مكان متاح، وكان لي اقتراح سابق لم يجد عناية مثل اقتراحات كثيرة، يتلخص في جمع الناموس في مزارع ناموسية خاصة، وتربيته وتدريبه ثم توظيفه في بنوك الدم، تصور – عزيزي القارئ – مقدار الاستفادة من هذا الاقتراح، وإذا علم الناس أن هذا البعوض مدرب ومكلف بالعمل من بنوك الدم سيقدمون زنودهم وسيقانهم له عن طيب خاطر، وسيكون واجب البلديات فقط ملاحقة الناموس غير المدرب، ذلك الانتهازي الذي سينقض على دماء البشر مستفيداً من تطوعهم للتبرع المنزلي بالدماء، ويظهر لي أن البلديات ليس لها القدرة على الفرز بين الناموس المدجن والآخر الانتهازي، ولذلك تم صرف النظر عن الاقتراح.
والقارئ صدّق إعلاناً عن مبخر يقتل الناموس، يقول إنه يحميك من الناموس لمدة كذا يوم، وابتاعه وهو ليس بالرخيص، ولم يجد فرقاً يذكر، وأتعجب من تصديقه للإعلانات، فقد كنت أعتقد أن الإعلانات لا تقنع سوى النساء والأطفال، ويظهر أن الرجال تكيفوا مع الأمر الواقع، وقد يكون هناك خطأ بسيط، ربما هو عطر للناموس يعجب بعضه ويكرهه البعض الآخر، ويبدو لي أن النوع الأول استوطن في منزلك، وهذا الناموس الضعيف الذي يضايقنا له قدرة استيعابية على الشفط… بضع قطرات فقط ،ولم نتكيف معه، ومن العجب أننا تكيفنا مع ناموس أكبر، يشفط ولا يشبع أبداً، اسأل عنه ضحايا المساهمات والمقترضين من البنوك ومن في حكمهم!

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.