أسماء سياحية

استغلال الأسماء في السياحة الداخلية له مضار مستقبلية واستراتيجية على هذا القطاع الواعد، وفيه غش واضح للزائرين والسائحين، وعلى سبيل المثال عندما ترى ترويجاً لمتنزه الجزيرة فلا يعني هذا أن هناك “جزيرة” ولا حتى شبه جزيرة، اللهم إلا شبة الجزيرة العربية! وإذا قرأت إعلاناً عن شاليهات الشاطئ، فلا تعتقد أن هناك شاطئاً إلا من الغبار أو أعشاب مبقعة، الشاطئ الحقيقي قد يبعد عن ذلك الموقع مئات الكيلومترات.
وتم استغلال موغل في القضم لمسمى شاليه، فوجدنا شاليهات على التراب، وبعض منها على الرمل، وأصل كلمة شاليه جاءت من “شال.. أيه”، و “المشيول” هنا هو ما في جيبك من مال، أما “الشايل” فيوصف بمستثمر وطني! أو رجل أعمال، والشاليهات التي نعرفها لا بد من أن تطل على شاطئ، لكنها في الغالب وفي سياحتنا الداخلية عبارة عن جحور على هيئة غرف، لا تطل سوى على الجيران أو الجدران، وإذا كان لديك سكن عمال قديم يقع على شارع رئيس في أطراف المدينة، فيمكن لك ببعض التحسينات البسيطة تحويله إلى منتجع… أو متنزه، فلك الحق في التصنيف، لا يحتاج الأمر إلا لبعض الدهان الجديد وعدد من المكيفات الصحراوية وجمع من العمال، و لك أيضاً أن تضع له الاسم الجذاب الذي تحب، معتمداً على خيالك السياحي، وسيتقاطر ذوو الدخل المحدود إليك، يتشارك الأطفال مع أمهاتهم بالضغط على الآباء، فيذهبون مكرهين من جدران إلى جدران، وتعتقد الزوجة أنها إذا صرفت مبلغاً جيداً من المال فقد قامت بسياحة وتنزهت!
وإضافة إلى عدم وجود تطابق بين أسماء ما يطلق عليها متنزهات وما في داخلها، تحول صيفنا إلى سوق تجارية لتصريف البضائع وبمباركة من جهات رسمية، تتقاطر المحال المتناثرة في المدينة إلى الموقع السياحي الرسمي، وتعرض بضائعها، فنحن في مهرجان ولكل بلد مهرجانه، الفرق يأتي في عبارة الترويج، فلكل منطقة عباراتها الخاصة.
 والذي يرى مقدار الدفع نحو الاستهلاك والتشجيع عليه يعتقد أننا طوال العام منتجون مثل اليابانيين، ولدينا من الأموال المدخرة الفائضة ما يجب صرفه لتحريك عجلة الاقتصاد، والحقيقة أن وجه الشبه الوحيد بيننا وبينهم أنهم من بلاد الشمس المشرقة ونحن من بلاد الشمس الساطعة المبهرة.
أما الواقع فهو أن سياحتنا الداخلية في الغالب هي سياحة تخيلية ، تعتمد على خيال السائح أو الزائر، وكلما كان خياله خصباً كانت سياحته أجمل، وخرج بانطباع أفضل، فإذا زرت موقعاً اسمه الجزيرة، تخيل أنك في جزيرة، وإذا دخلت الشاطئ تخيل أنك على ضفاف شاطئ… تخيل يا أخي، فربما يتطابق خيالك مع صاحب المنتجع.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.