“بريد عشرة”

مثلما تتحول بعض الأفكار في أفلام الخيال العلمي إلى مشاريع، وتفتح آفاقاً جديدة للعلماء ليبحثوا ويبتكروا اختراعات جديدة في الخارج، تتحول بعض النكات إلى حقائق في بلادنا، وتكون أكثر ضخامة من النكتة المضخمة أصلاً!
هناك طرفة قديمة تقول إن زائراً للسعودية شاهد لوحات الطرق في منطقة الرياض، فقرأ لوحة تشير إلى مدينة “حريملا” على أنها “حريم… لا”، وفي القصيم شاهد لوحة مدينة “بريدة” فقرأها “بريد خمسة”، ولأجل خاطر النكتة لا بد من أن تتغاضى عن نقاط التاء المربوطة.
هذه النكتة تحولت إلى حقيقة، ومثل كل الحقائق تضاعفت! فأصبح صندوق البريد الشخصي لعشرة أفراد فقط، ومن يرد الزيادة يدفع زيادة، ولأننا في بحر رقم العشرة نفترض أنك سألت عشرة مواطنين عن استخدامهم للبريد، ستكتشف أنهم جميعاً يستقبلون الرسائل أكثر مما يرسلون، ولو سألت عن عدد الذين يراسلون عن طريق البريد ربما ستجد واحداً أو اثنين من عشرة، والحديث هنا عن الأفراد. من هذه النتيجة نعلم أن البريد يوصّل رسائل أكثر مما يبعث بها، تناقشت في الأمر مع خبير بريدي، فأخبرني أن مؤسسة البريد السعودي ملزمة وبموجب اتفاقات الاتحاد البريدي العالمي ومقره في سويسرا “أفضل موقع للانتداب!” بتوفير الخدمة بأسعار معقولة ونوعية جيدة، وآخر هذه الاتفاقات التي وقّعت عليها المملكة كانت العام الماضي 2004، وتنص المادة الأولى منه على الآتي: “الخدمة البريدية الشمولية على كامل ارض الوطن هي حق من حقوق الشعوب، ويجب أن توفرها الدول الأعضاء بأسعار معقولة وكذلك بنوعية جيدة”، وإذا عدنا إلى النتيجة التي توصلنا إليها سوياً من أن البريد السعودي يستقبل أكثر مما يرسل، خصوصاً إلى المواطنين الأفراد، وهم في الغالب يذهبون إلى الصناديق، وعلمنا أن الدول التي ترسل بريدها إلى المملكة تقوم بدفع ما يسمى بالنفقات الختامية، هذه المبالغ هي عبارة عن أتعاب معالجة البريد الوارد، وتوزيعه للمرسل إليهم، والعكس صحيح بالنسبة للبريد الصادر عن المملكة لتلك الدول، وهناك قوانين تحكم هذا الموضوع، من هذا كله نعلم ان البريد مستفيد. المنزل السعودي العادي من الذي يراسل فيه الخارج؟ بالتأكيد الخادمة أو السائق في الغالب المطلق.
هناك حلول كثيرة لمشكلة البريد السعودي بدلاً من اللجوء لأسهل الحلول وهو رفع الرسوم، الخصخصة فهمناها بالرفع دائماً وعلى الأفراد، جمع الرسوم من الأفراد هو الوسيلة المثلى للخصخصة! الحلول كثيرة، وفي متناول من يفكر ويبحث في تطوير المنتجات، وإقناع الناس بجودة الخدمة أولاً ومعقولية الرسوم.
غداً بعون الله سأعرض وجهة نظر البريد الرسمية كما وصلتني من خلال مكالمة هاتفية مع معالي الأستاذ محمد بنتن.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.