حماية الأفراد أحد أسباب الإجراء الأخير الذي قامت به مؤسسة النقد، وهو خفض حجم ومدة القروض الشخصية التي تمنحها المصارف لعملائها، وصلتني رسائل غاضبة من قرّاء منذ بداية العمل في هذا القرار الجديد، وحماية الأفراد ومعهم “المؤسسات الوطنية والنظام المصرفي” هو ما ذكره محافظ مؤسسة النقد على هامش مؤتمر أمن المعلومات المصرفية، ونتذكر قبل أسابيع أنه نشر تصريح رسمي منسوب للمحافظ يشير إلى فقاعة في سوق الأسهم.
آمنا بالله تعالى، ونحاول تصديق حكاية حماية الأفراد والبحث عن سبب الفقاعة، وكل ما حاولت فشلت، لأن المتابع يرى المصارف تقرض العملاء من خلال شراء أسهم، يقدم العميل طلباً للقرض الشخصي فيقول له موظف المصرف بعد أخذ الضمانات، لديك هذه الأسهم في الشركات الآتية، وتحسب عليه بسعر أعلى من سعر السوق، وتصبح الأسهم في محفظته وعلى مسؤوليته، فأين الحماية للأفراد هنا؟ وهل لمثل هذه الإجراءات دور في الفقاعة طيبة الذكر؟ إن من يرد حماية الأفراد فعليه أن يوقف المصارف من حساب الفوائد المركبة على عملائها، ومن يرد حماية الأفراد فلا يسمح للمصارف بأن تنافس المتداولين من خلال صناديقها، في حال تعارض مصالح صارخة مسكوت عنها، والذي يريد حماية الأفراد يجب عليه أن يرد على ما يشاع من أن المؤسسة ضغطت على أحد المصارف الجديدة نسبياً لأنه يقرض بفائدة مخفضة وحسبة مختلفة، فكان أن توقف عن هذه الأعمال “المخلة” بالنظام المصرفي الوطني!
وإذا أردت أن تعلم واقع الإقراض الشخصي، وهو واقع كتبت عنه كثيراً وغيري كتب أكثر، وتم التحذير من أخطاره الاقتصادية والاجتماعية والأمنية التي نراها تطفو على السطح، إذا أردت أن تعلم هذا الواقع فانظر إلى الأرقام الآتية:
من 149 بليون ريال هناك 109 بلايين ريال قروض أخرى نقدية، في حين لم تتجاوز قروض التمويل العقاري ما يزيد قليلاً على العشرة بلايين ريال والتي يفترض أنها تشجع على الاستقرار، وهذه أرقام “ساما” نقلاً عن إحدى الصحف.
كانت المصارف وما زالت القائد والمشجع لأفراد المجتمع للتوجه إلى القروض الاستهلاكية غير المنتجة تحت نظر مؤسسة النقد وبمباركتها، وحصدت المصارف الكثير من خلال تلك القروض وفوائدها المركبة، منذ أن بدأنا التعامل بالبطاقات الائتمانية، وحتى الإقراض بما يطلق عليه “المصرفية الإسلامية” ينهش في لحم المقترض وفي عظمه. الذي يريد حماية الأفراد لا يمكن أن يصمت عن ذلك، لذلك فإن حقيقة الإجراءات الجديدة لمؤسسة النقد ليست سوى وسيلة لحماية المصارف من نفسها، فقد تجاوزت الخطوط الحمراء بمراحل وتضخمت “كروشها”، ويتوقع أن تكون الفقاعة في داخلها، أما الأفراد فلن يحميهم سوى ربهم، و”نعم بالله تعالى”.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط