عقدة الدول المتقدمة

يستخدم البعض منا الدول المتقدمة للتخفيف من واقع السلبيات في بلادنا، فيقول مثلما قال وزير الصحة ان “معدل الأخطاء الطبية في بلادنا أقل مقارنة بدول متقدمة”، في التصريح الذي نشرته “الحياة” قال: “بعض الدول المتقدمة”. قضية الأخطاء الطبية هي واحدة من قضايا القطاع الطبي المعلقة، وحتى لا أطيل أذكر ما المطالب التي يبحث عنها الناس، انها تتلخص في الجملة الآتية: “من أمن العقوبة أساء الأدب والطب”، ويعتقد الجمهور والكاتب فرد منهم أن هناك مجاملات للأطباء في قضايا الأخطاء، لأن في الجهة المراقبة لهم كثيراً منهم! وتبدأ تلك المجاملات أولا بالتخفيف من وقع الأخطاء اما مقارنة بدول متقدمة لا تذكر، إضافة إلى طول الإجراءات ومشيها مشي السلحفاة في لجنة الوزارة الشهيرة، وفي الكفة الأخرى فإن المتضررين من الأخطاء الطبية في بعض الدول المتقدمة يحصلون على تعويضات ضخمة تجعل المستشفيات والأطباء يفكرون مرات قبل التهاون والتساهل في التعامل مع المريض، في بلادنا يحصل المريض بعد التي واللتيا والمحامين على ثلاثين ألفاً أو خمسين ألفاً، أو خطاب توبيخ للطبيب، أو فصله وابعاده في حالات استثنائية لا يستفيد منها المريض المتضرر، ومثل هذا التعامل مع الأخطاء هو التعامل نفسه مع القضايا المرفوعة عليهم في قضايا التحرش واستغلال أوضاع المريضات.
نحن وأقصد الجمهور والكاتب لا نطالب بإيقاف الأخطاء الطبية بل بالمحاسبة الحقيقية، فلا يعقل أن يقوم طبيب باستئصال جزء من الكبد بدلاً من المرارة، كما حدث في الزلفي بعد يوم من تصريح الوزير، ولا يجوز أن تستأصل معدة مريضة لمجرد الاشتباه بمرض خبيث، كما حدث سابقاً في “تخصصي الرياض”، الوضع الصحي المتردي في بلادنا هو ما دفع بعض السباكين للعمل في هذا المجال ونتذكر حالة من هذا النوع كشفت قبل سنوات، وإذا رأيت أسلوب تعامل الطبيب مع المريض وعدم اهتمامه حتى بوقت الأخير وهو واقف على رجليه تستطيع أن تعلم حقيقة الوضع في غرفة العمليات والمريض مخدر، هذه “السوق المربحة” هي ما شجع المزورين على توفير الشهادات المزيفة، لو كانت هناك عقوبات حازمة وعاجلة لما وصلنا إلى هذه الحال، وحتى نكون على مسافة أقرب من العدل لا يصح لنا أن نقارن بدول متقدمة غير محددة لا بأسماء ولا بأرقام، دعنا نقارن بعدد الحالات من هذا النوع التي تنشرها الصحف وفي مقابلها عدد القرارات العادلة التي أصدرتها الوزارة ونفذتها على الفور، عند ذلك سنعرف في أي خانة يضعنا قطاعنا الطبي بين الدول.
ومن عقد الدول المتقدمة ما صرح به نائب محافظ مؤسسة النقد، إذ ذكر أن قطاعنا المصرفي أفضل من الأوروبي، من الواضح أنه لم يضطر ومنذ زمن بعيد لمراجعة أحد فروع المصارف.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.