البحث عن طاقية

مسلسل مكسيكي يُعرض في الصحف منذ مدة طويلة، تحت عنوان “ملاحقة الهواء لإعادة أموال مساهمي سوا” والنتيجة صفر مكعب، لم يبق للمتورطين سوى متابعة دخول صاحب المساهمة السجن وخروجه منه، والوعود التي لا تنتهي، والتطور الوحيد أن هناك لجنة من المتضررين تلاحق “بليونير الهوا” وتشتكي إلى الصحف.
في جانب آخر من صفحات الصحف، يعرض مسلسل مكسيكي آخر أقل متابعة من الأول، وهو بعنوان “الكنز المطمور في مساهمة التمور”، وإذا أردت أن تضحك من باب شر البلية، فانظر إلى اسم الجهة التي قادت هذا المسلسل، اسمها مؤسسة “تمور وعقارات المملكة”، لعلك تستغرب ما علاقة التمور بالعقارات؟! إنه “القدوع” يا عزيزي!
وأيضاً في هذا المسلسل لا يملك المتورطون سوى ملاحقة أخبار البطل عند دخوله السجن وخروجه منه، وقضية البورصات العالمية ليست عنا ببعيدة. شُفطت الأموال وأصبحت إعادتها أقرب إلى المحال، والمثل الشعبي يقول: “من يغاب عن عنزه تجيب تيس”، والمشكلة أن صاحب العنز صار يخشى عليها من الموت والدفن، فلم يعد يفكر في “تيس أو عناق”.
وفي الصندوق الرسمي المغلق هناك مساهمة الدريبي، التي لا يعلم أحد ماذا تم فيها، والغريب في الأمر أن الجهات الرسمية لا تخرج إلى العلن، وتخبر الناس عن وضع هذه المساهمة، على رغم ندوات ومنتديات الشفافية، والمساكين الحالمون بجزر البندقية ليس لديهم مسلسل مكسيكي يتابعونه مثل اخوانهم في سوا والكنز المطمور، فلم يفرج عن الشريط للعرض بعد.
والقضية تكمن في أن الحاوي قد استنفذ الطواقي، وكثرت الرؤوس، ولم يبق هناك عدد كاف من الطواقي لستر الرؤوس طمعاً في رؤوس جديدة، ولأن رؤوس أصحاب هذه المساهمات كبيرة، فهم يحتاجون في سترها الى طاقية أكبر، فكان أن جمعوا الطواقي، وصنعوا منها طاقية كبيرة واسعة، وطاقية بهذا الحجم ظاهرة للعيان، فلا بد من إخفائها حتى لا تمتد إليها الأيادي المطالبة بحماية رؤوسها من الشمس والبرد، ويكون ذلك إما بتجزئتها هنا وهناك وإخراج رأس أصلع لامع للناس، أو تقديمها أمانة لرجل يحضر بكامل قيافته ممتشقاً كرافتته وحاملاً شنطته وقادماً من بلاد الذهب والحسابات السرية، ويعد هو الآخر صاحب الطاقية الكبيرة بقبعة أو برنيطة.
وحتى تنفرج أسارير المضيعين رؤوسهم من الحالمين بطاقية صغيرة ابحثوا عن الطاقية الكبيرة في الخارج، قبل أن تتبخر مثل غيرها.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.