بسبب اختلاف اللغة يخطئ السائق الآسيوي في نطق كلمة «تفتيش»، قائلاً: «هناك تفشيش» فكلما شاهد ازدحاماً توقع أنه نقطة تفتيش، وبعض الأخطاء تحفز أحياناً على تأمل وتدبر، لذلك تذكرت «التفشيش»، وأنا أتابع انحسار الاهتمام الإعلامي، بـ«أغطية تفتيش» سبّب اختفاؤها وفيات مأسوية، كان آخرها وفاة طفل ووالده في جدة رحمهما الله.
الانحسار شمل أيضاً الاهتمام بأعمال لجنة تحقيق لم تفصح حتى الآن عن شيء يذكر، تابعت أيضاً حماسة الجمهور لرصد أغطية تفتيش، و«الجهود» المبذولة من بعض البلديات، حتى أصبح إعادة غطاء «مسروق أو تالف» لفتحة تصريف أو تفتيش، إنجازاً فريداً! لكن لم يخرج علينا أحد من المسؤولين ليثبت لنا سعيه لحل القضية من جذورها، غالباً ما نتعامل مع القضايا مثل تعامل المتسلي بالكلمات المتقاطعة في أوقات الفراغ، مرة عمودياً وبعد سنة أفقياً، وبدلاً من البحث في مبدأ السلامة العامة للمشاة، نأخذها بالتقسيط المريح، مرة تصريف سيول، وثانية بئر ارتوازية، وثالثة «منهول» مطاعم، وكلها تصريف مواطن.
إذاً هي بالفعل «تفشيش»، من الفش.. فش الخلق والحنق، ففي كل فترة نستطيع فش الهواء المتجمع في صدورنا من قهر وألم في حفرة جديدة نطالب بالحماية منها، لكن لا تفتيش هناك، بل العمل بطريقة التقسيط المنتظر وقوع المحذور! أليس هذا دليلاً على «تعشيش» أصاب الكفاءة والذمة؟ و«التعشيش» في لغة المقاولين، فراغات تصيب الخرسانة، ناتجة من تواضع في المادة الخام والأداء، وهو ما تعاني منه الإدارة الحكومية، هناك فراغات «تعشيش» كثيرة متناثرة لا نرى علاجاً حقيقاً لها، بل مجرد «تلييس»، عملاً بالمثل الشعبي الحجازي الظريف «طبطب وليّس يطلع كويّس».