نهش الوزراء ومدحهم

سبحان الذي يغير ولا يتغير، في زمن مضى كان الكاتب والصحافي يكابد المشقة ويتلقى سياط اللوم ويوقف، أو يفضل التوقف، عن الكتابة إذا ما تعرض لوزارة ما، والسبب أن معالي الوزير ربط شخصه بالوزارة فأصبحا كتلة واحدة في توأمة سيامية تحتاج عند ضرورة الفصل إلى ساعات شاقة من الجراحة، على رغم أن الوزارة باقية ما شاء الله تعالى، ومعاليه ذاهب ان لم يكن اليوم فغداً مثلما حل خلفاً لمن سبقه، وقليل من يتبصر في الحكمة القائلة “لو دامت لغيرك لما آلت إليك”، وعانيت شخصياً مع آخرين من الزملاء الكتاب من بعض وزراء تخيلوا أن أطراف “مشالحهم” لا تنتهي إلا عند حدود صلاحيات الوزارة التي يديرونها.
لذلك من حقي أن ابتهج بهذا الزمن الجديد، ففي أسبوع واحد قرأت مقالين عن وزيرين، الأول للزميل ياسر رشيد في هذه الصحيفة عن وزير الحج بعنوان بديع “الفارسي “الصامت”… بين وزارتي الكلام”، والمقال الآخر للزميل خالد السيف في صحيفة الوطن عن إغماءة وزير الصحة في موسم الحج، وعلى طريقته وجد الزميل فرصة لتذكير بقية الوزراء بفضائل العمل وسط المخدومين، وانتقد القابعين في مكاتبهم انتظاراً لتقارير ورقية، واستنبط من إغماءة الوزير الميدانية 21 فائدة، منها هذه (فيه الرد الوافي على المعطلة من الكوادر المتكدسة – ممن هم دون الوزراء بمسافات كبيرة – في مكاتبهم الفارهة إذ لا يبرحونها البتة لأسباب واهية لا تنهض بها حجة عند المخلصين لدينهم ووطنهم)، ودعا للوزير ومرافقيه ممن تعرضوا للإغماء، وأنا معه بصوت مرتفع أردد “آمين”، وأزيد بالدعاء لجميع الوزراء بالصدق والتوفيق حتى تتطابق الأقوال مع الأعمال، أما الزميل ياسر رشيد فقد بدأ مقاله بسؤال يقول “أين وزير الحج”؟… في ذروة موسم الحج وأحداثه المأسوية افتقد الاعلام ورجاله وزير الحج (بحث عنه الإعلاميون كثيراً في الحج وداخل أروقة وزارته التي جفت “إعلامياً” إلا من متحدث لا يحمل من المعلومات إلا القليل).
والحج أيام معدودات!، لكن الوزير رد في مناسبة تكريم بعثات الحج  حاملاً جوائز للأعمال الصحافية!، وظهر في صورة تجمعه بلجنة تحكيم كلها من الصحافيين أو الكتاب؟!، وتم توزيع الجوائز فحصلت “الحياة” على واحدة، وكذلك معظم الصحف المحلية!، وقال في تصريح صحافي ان نحو “ثلاثة ملايين حاج” وقفوا بعرفة، وطالب بالاستفادة من الرخص الشرعية للحد من الحوادث، ولأننا في معرض الرخص أطالب معاليه بأن تتولى وزارته الحد من استفادة تجار الحج من رخص الشقق والفنادق والمخيمات والحملات غير النظامية، فهي أيضاً تخفف من الحوادث  وتحسن سمعة الدولة، والوزارة مسؤولة عنها لأن اسمها وزارة الحج.
هنيئاًَ لهذا الجيل من الصحافيين ينتقدون الوزراء فيقدمون لهم الهدايا.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.