بعصاه يضرب راعي الإبل الناقة من أعلى رقبتها ثم يضربها من باطن يديها حتى تبرك أو “تنوخ”، الناقة لم تسأل عن رغبتها، لكنها تنقاد راغمة لمزاج الراعي، هذا يسمى “تنويخ”، وأثناء العملية يصيح الراعي” آخ.. يا.. آخ.. يا”، هذا هو المفتاح السحري الشفهي.
تدور إشاعات كثيرة، هل صححت سوق الأسهم أم أجبرت على تصحيح استباقي؟ هذا أمر لا يعلمه إلا الراسخون في السوق، الحقيقة ستبقى محبوسة داخل الدهاليز، ولنكون اقرب إلى العدل، الحقيقة أيضاً تقول إن الأسواق المالية لا بد من أن تتعرض للتصحيح، ومثلما تطير السوق لا بد من أن تقع، يختلف الوقوع نوعاً وأثراً بحسب إدارة السوق، كلما كان كارثياً أو ناعماً كان معبراً عن إدارته.
لكن من خصوصيات السوق المالية في بلادنا أنها هي الوحيدة التي تتعرض للتصحيح! ولأن البشر فئات، تتعرض ظهور الفئة الكبيرة لتهاوي المؤشر فتحمله على أكتافها إلى حين، بعض من هذه الأكتاف يصاب بالكسر وآخر بالخلع ويضيع دم المؤشر في وسط الأكثرية، وإذا قيل لك إن “السوق تشيل”، فأعلم أن المقصود هم الصغار.
قلت إن السوق المالية هي الوحيدة التي تتعرض للتصحيح، فلا يقع التصحيح في إدارة سوق المال، كما لا يقع تصحيح في مؤسسة النقد، أيضاً لا يقع تصحيح في موقع تداول أو أسماك القرش المسماة بنوكاً، التصحيح دائماً تتحمله أكتاف الأكثرية الصامتة… الصماء.
لكن لماذا البحث عن تصحيح هنا وهناك؟ هل هو البحث عن مشجب نعلق عليه أخطاء الأكثرية التي انجرفت إلى سوق الثقب الأسود، الجواب بلاااء ضخمة كبيرة، تنافس في حجمها تضخم المؤشر، والدليل سؤال يقول أين إدارة السوق حينما كانت الهرمونات الاصطناعية تحقن فيه من خلال بعض الشركات، لماذا تغيرت سياسة الإدارة، التي أوقفت في يوم من الأيام سهم الكهرباء وحددت نسبته في قضية لم تعلن تفاصيلها، على رغم وجود وعد رسمي بذلك!؟ هذه الإدارة تراخت وصمتت دهراً حتى تورمت شركات “الدجة” والناس لا يرون تدخلاً، فصدقوا ما يشاهدونه يومياً.
مشكلتنا الأساسية تتلخص في عبارة “عفا الله عما سلف” فلا أحد يفتش في الدفاتر القديمة، بل إن المثل الشعبي يقول: “حكي في الفايت نقصان في العقل”! لذلك لن نتعلم من الأخطاء.
الصياح في سوق الأسهم وصل مداه، لذلك أختم بمطلع قصيدة معبر، وصلني من احد الإخوة في منتدى هوامير البورصة، هذا إذا بقي فيه هامور واحد! القصيدة بعنوان جميل “دبل صلاتك قبل عرض الموازين”:
(قال الذي في سوق الأسهم تغربل
أندق حاله قبل ماله يدبَّل
شاروا عليّه ناسِ غشْمٍ مهبّل
دبّل قروشك عام سبعة وعشرين
قلت اصبروا قدمت قرضاً على البنك
أُما شرولي رزّ ولا شروا زنك
والله يسهّلها على اللي شكا الضنك
دبّل قروشك عام سبعة وعشرين
لكن أخاف السوق ياخذ خشوعي
ما غير أفكر بالسهم في ركوعي
هذا نزل نسبة وذا في طلوعي
دبّل قروشك عام سبعة وعشرين).
والمساحة لا تكفي، ولم “تندبل” غير الأكباد… وسلامتكم.