إقرار

يُجبر العامل على بند الأجور على توقيع إقرار يقرّ فيه “الموضح اسمه أعلاه” برغبته التثبيت على وظيفة رسمية “وإن قل الراتب”. لديّ صورة من هذا الإقرار على ورق إحدى الوزارات، وإذا كانت الوزارات التي تطبق سياسة الدولة تستخدم إقرارات إذعان مثل هذه فماذا نتوقع من شركات القطاع الخاص؟ أعتقد أن على وزارة العمل أن تبدأ تصحيح إجراءات بعض الجهات الحكومية عند التوظيف، فاستغلال أوضاع الشباب وحاجتهم الماسة إلى الوظيفة لا يجوز، بل هو من الظلم، ثم نتساءل عن أسباب احتباس المطر!
يحدث هذا وموازنة الدولة في أحسن حالاتها والاقتصاد يقول المسؤولون عنه إنه في انتعاش ويمنون أنفس المواطنين بالمستقبل.
لا يمكن لأحد أن يصدق التصريحات الصحافية إذا لم تواكبها إجراءات عملية حقيقية تظهر آثارها ويلامسها البشر، والمماطلة في التنفيذ والتراخي يؤسسان لاهتزاز الصدقية الرسمية وشرخها، وهذه الأخيرة إذا وصلت إلى حدّ الشرخ تسبب مشكلات عويصة معقدة طويلة الأمد.
موظفو بند الأجور ليسوا وحدهم الذين يتم استغلالهم إلى حدّ الابتزاز، فهناك أيضا موظفو العقود، فنرى مثلاً أحد الشبان العاملين بالعقود في شركة ضخمة تملك الحكومة غالبية رأسمالها يروي التفاصيل: “تقوم شركة بتنفيذ عقد لشركة أكبر، ومن ضمن العقد رواتب الموظفين. تأخذ الشركة المنفذة جزءاً من الراتب! وهو من المكاسب السهلة والأيدي العاملة المحلية طوابير. يعمل الموظف في الشركة الكبرى ويتعامل مع موظفيها الأقل جهداً والأعلى في الرواتب، إضافة إلى النظرة الدونية التي يعانيها موظفو العقود، فهم لا يشعرون بالأمان، والأمل أن يصبحوا موظفين رسميين في الشركة الكبرى، ولكن لا أمل ليبقى موظف العقود على حاله، ولو فتح فمه لأرسل من أوسع الأبواب، والعجيب أن هذه العقود لا تنتهي فهي مستمرة!”.
اليد العاملة المحلية “بأخو البلاش”، ولم يظلم الشاب السعودي مثلما ظلم من القادرين من مواطنيه. يستغرب الإنسان شركات تملك الدولة غالبية رأسمالها لماذا تتباين أنظمتها!؟ ولماذا لا توظف رسمياً كل من أثبت جدارته؟ السبب واضح… موظف رخيص وغير قادر على حماية نفسه فهو على “كف عفريت”، اجعله خائفاً ليستمر، ولا جهة رسمية تتدخل.
إذا أرادت وزارة العمل أن تنجح في استراتيجية السعودة فإن عليها أن توقف النزيف والظلم الواقع الآن، وإذا لم تنجح هذه الاستراتيجية، ومع حمّى ضنك الأسهم المميتة، فماذا نتوقع أن يخبئ لنا المستقبل؟
هل تريد أن تضحك من الكمد، الشيء الوحيد الذي نرى فيه تحركاً إعلامياً أخاذاً هو مغازلة رأس المال الأجنبي، أمرنا عجيب!

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.