إبراء ذمة

في 5/10/ 2003 كتبت مقالين بعنوان “حفرة البنك الدولي وشقيقه ترحب بكم”، في جريدة “الرياض”، حذرت في هذين المقالين من الانجراف وراء نصائح البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، اسمحوا لي أن أذكر بعض ما جاء في أول مقال: “نبدأ من حيث تورط الآخرون! هذه حقيقة شواهدها أمامنا، نرى الأرجنتين ومعها تجارب عشرات الدول، التي سقطت و “تكرفست” في حفرة البنك الدولي وشقيقه الصندوق الدولي، ومع ذلك نذهب بأرجلنا اليها، وكأن معنا معدات تسلق خاصة، نرى الصعوبات التي تواجهها مصر اقتصادياً، واضطرارها لخفض عملتها، وعلى رغم ذلك نؤمن بطروحات البنك والصندوق، إلى درجة يصبح فيها البنك مسؤولاً حتى عن تخصيص الصوامع وغيرها! مستشارو البنك والصندوق الدوليين في كل مكان، يختفون وراء مكاتب بعض الوزراء والمسؤولين عن الشأن الاقتصادي، ويُعتمد اليوم على طروحاتهم لإصلاح الاقتصاد، وهذا الوصف ليس من عندي، فقد طرحه جورج مونبيت في صحيفة الغارديان، ونشرت جريدة “الاقتصادية” ترجمة له، وهو يسميه الدواء المميت او القاتل”.
هذا جزء من المقال الأول، ثم بعد شهر من الزمان شاهدت صورة لمن وصفوا بخبراء البنك الدولي، يزورون نادي النصر وشقيقه نادي الهلال، فكتبت مقالاً بعنوان “أنياب البنك”، هذا بعض ما جاء فيه: “إذا رأيت أنياب البنك الدولي بارزة فاعلم أنك وجبته التالية، هنا أقول لك عظّم الله أجرك، وأكرر ذلك بعدما شاهدت صوراً نشرتها الصحف المحلية “لخبراء” من البنك الدولي، وهم يتجولون في أروقة نادي النصر ومنافسه نادي الهلال، رأيت صورة الخبير يتفحص مرمى كرة القدم، قد يقترح أن يكون مثلثاً حتى تنجح الخصخصة، وربما تحتاج الأندية إلى تغيير شعاراتها، لا بد من أن رجال الأعمال يتوقعون ألواناً أخرى”.
ما الذي يدفعني للعودة إلى أوراق قديمة، هل هو الإفلاس أم أنه التشاؤم؟ اختر ما شئت عزيزي القارئ، القضية ليست صوامع وأندية رياضية، أو حتى عقداً للسكة الحديد، القضية هي اقتصاد دولة وأمنها ورخاء سكانها، وحينما نرى انهيار سوق الأسهم لتفقد ربع مكاسبها في أسبوعين فقط، ولا يظهر طوال هذه المدة مسؤول واحد من المؤسسات المالية الحكومية، ثم يظهر في نهايتها ليقول كلاماً يزيد الطين بلة… لا بد من أن نتشاءم، ويجزع الناس وتتعالى أصواتهم، فيبكي بعضهم على شاشة التلفزيون ولا من مجيب! كل هذا يدفعني لأن أحذّر، فلا بد من إبراء الذمة، ولا بد من أن أقول انه مثلما للبنك الدولي خطورته، فإن لأبنائه بالعمل والخبرة الذين لا ينظمون خيطاً في إبرة إلا باستشارته، حتى ولو كانوا (منا وفينا)، الخطورة نفسها، وأقول إن أحادية الرأي الممارسة في إدارة دفة الاقتصاد، لا بد من أن تكون عواقبها وخيمة، بل “أوخم” مما نتوقع، لقد كتبت هذا الرأي “منذ مبطي” وها أنذا أعيده لعل وعسى… فالأمل بالله تعالى سيبقى إلى الأبد.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.