“أتوبيس في الرمال”

أول اكتشاف علمي ظهر لبعثة اكتشاف الربع الخالي، أن حيوان الأتوبيس لا يعيش في الصحراء، ومن ضمن الاكتشافات العلمية المتوقعة، أن هذا الحيوان “يبرك” في الرمال، ربما ستظهر التحليلات المستقبلية للجزيئات المطمورة من حيوان الأتوبيس، أن هناك علاقة عشق بين إطاراته ورمال الربع الخالي، إذ بينهما كما نعلم نسب نفطي عميق الجذور، ولا بد من أنهما جرّبا طعم اللقاء فكان الالتصاق.
 لقد أضحكتني هيئة المساحة الموقرة المنظمة للبعثة، عندما اختارت الأتوبيسات ضمن قافلة الرحلة، وفي تقرير لقناة “العربية”، قال أحد المعنيين بالرحلة عن “تغريز” الأتوبيسات في الرمال كلاماً طويلاً لم أستطع حفظه، وما علق بالذاكرة استنتاجه من أن “التغريز” دليل على أهمية اختيار وسائل “صعود” الصحراء، أعجبتني مسألة الصعود هذه، ولا اعلم لماذا، و “التغريز” لمن لم يغرز في حياته، هو انغراس عجلات المركبة في الرمال، هذا أيضاً اكتشاف يمكن تسجيله لفريق البعثة العلمي، ولأن “علمي علمك”! لا أستطيع فهم اختيار حيوان الأتوبيس لبعثة علمية ذاهبة إلى كثبان رملية! حتى ولو كان ضمن قافلة فيها من أنواع السيارات والإمكانات، فهو كما تعلمون حيوان ينشط في المدن وبين أطرافها، ولم يسجل له ظهور في الصحارى، خصوصاً صحراء الربع الخالي المنسية منذ أن عرفها البشر، واسأل بني مرة.
وليس من تفسير لاختيار هذا الحيوان الحديد، سوى إدخال البهجة على أنفس أبناء المجتمع الرملي المصابة باحتقان، الله وحده يعلم مداه وآثاره المباشرة وغير المباشرة.
وأريد أن أشكر الهيئة الموقرة لسببين، فهي أضحكتني، وفوق هذا جعلتني أكتشف أنني “راعي بر”، و كنت أقلل من خبرتي في الصحارى، والسبب الثاني أنها أطلقت  فكرة الرحلة، وللعلم فقد كتبت قبل سنوات عن “الربع المنسي”، المهم ألا تذهب النتائج إلى بلدان الخبرات الأجنبية المشاركة في الرحلة، ونبقى كما كنا نستمتع بالرحلة ونترك القيادة لهم، ثم نتسول المعلومات! وعلى رغم أن ظهور حيوان الأوتوبيس في الصحراء دفعني للتفكير في غسل يدي من “النتائج العلمية” ثلاث مرات، وأرجو أن أكون مخطئاً، بل أدعو المولى العليم أن أكون مخطئاً، إلا أنها “ونّستني” وجعلتني أتوقف عن سلسلة مقالات لا تحكي سوى في أوجاع  لا تجد من يعالجها، فكأننا في الفضاء حيث يسود الصمت المطبق.
إلا أن أفضل اكتشاف يمكن لنا الاستفادة منه، هو مرئيات العلماء “المستقلين” المشاركين في الرحلة العلمية، عن “فن الإدارة السعودية”.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.