حتى لا يكون “مصرف الفقر”!

هي سنة حميدة تضاف إلى سجل خادم الحرمين الشريفين، حفظه الله، في تلمسه حاجات المواطنين وحرصه على ذوي الدخل المحدود، وجاءت باكورتها من خلال طرح 70 في المئة من رأسمال “مصرف الإنماء” لعموم المواطنين. هنا أبو متعب – رعاه الله – يقدم أنموذجاً لأصحاب رؤوس الأموال السعودية، من كبار المستثمرين وملاك الشركات الضخمة، خصوصاً تلك الشركات التي تؤسس أو ستطرح للاكتتاب في المرحلة المقبلة، هذه السنة القدوة هل تجد آذاناً صاغية فنرى تغييراً في أساليب طرح الاكتتابات المقبلة؟ هذا التأسيس الملكي الكريم ذو الرؤية الثاقبة، هل يجد تفاعلاً “تنفيذياً” من الجهات الرسمية الحكومية المعنية بالموافقة على طرح الشركات فتستشرف الرغبة الملكية وتحرص على تنفيذها؟ هذا ما نتمناه وهو ما يرى الكاتب أنه يحقق الصالح العام ويخفف من الاحتكار وتركز الثروات، ويسهم في الحلول لقضية الفقر والبطالة.
أما مصرف الإنماء، المصرف الحلم، فإنني في خوف عليه (وأعتقد أنه لا داعي لخوفي عليه)، وعلى رغم أن القرار الملكي كان صريحاً وحدّد هذا العام لتأسيس المصرف وطرحه للاكتتاب وعيّن جهات رسمية هي صندوق الاستثمارات العامة والتأمينات الاجتماعية ومصلحة معاشات التقاعد جهات تأسيس المصرف، وهي جهات حكومية معنية بالتنفيذ العاجل للتوجيهات الملكية الكريمة، والخوف أو الحذر من مستقبل هذا المصرف الشعبي يأتي من احتمالات التأخير والتسويف والبيروقراطية في سرعة إنجازه، إضافة إلى بروز بعض المطالبات بتأخيره وتقديم اكتتابات ضخمة أخرى عليه، والأعذار المقدمة أنه جديد ورأسماله كبير ويحتاج إلى وقت ليحقق الأرباح!، وفي طيات هذا الطرح بحث حريص عن ما يحقق الأرباح الآنية والكبيرة، وتناسٍ لـ “توعية” المواطن نحو الادخار والاستثمار، ومثل هذا الطرح له أجندة مختلفة، فهو لا يعطي الأولوية للنتائج الإيجابية الكبيرة بعيدة المدى، عند طرح مصرف الإنماء، على الاقتصاد وعموم المواطنين.
ومعلوم أن طرح حصص الدولة – رعاها الله – لبعض ملكيتها في الشركات والبنوك سيكون النصيب الأوفر منه لكبار المستثمرين، وميزته بالنسبة إلى أوضاعهم أنه يتيح الحصول على تسهيلات بنكية ضخمة لمثل هذه الاكتتابات، وهو ما لا يتاح لغالبية المواطنين، وبالتالي سنحصل على تركز ملكية يضاف إلى ما سبق، وقاعدة الثلث كانت وما زالت أحد أسباب استمرار الاحتكار واستخدام سيولة السوق لرفع الحصص المبقاة لدى المؤسسين، بنظام “العفريتة” سيئ الذكر.
مصرف الإنماء لأنه ناشئ وجديد ورأسماله كبير لن يتيح الحصول على تسهيلات كبيرة لـ “الهوامير”، كما تعودوا، وستكون الفرصة فيه للجميع، أقرب إلى العدل، وهذا ما يدعوني إلى التنبيه والتحذير من التأخير في طرحه مهما كانت المسوّغات، وحتى لا يكون “مصرف الفقر”.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.